جنوبى غربى «لاردة» بالثغر الأعلى فى سنة (٥٢٨هـ = ١١٣٤م)،
يقودهم واحد من كبار رجالهم هو أبو زكريا يحيى بن غانية والى
بلنسية ومرسية.
وفى الوقت الذى يقوم فيه المرابطون بهذه المجهودات ويحققون
أعظم الانتصارات إذ بهم يفاجئون بثورة يقوم بها المصامدة بقيادة
«محمد بن تومرت» ضدهم فى بلاد المغرب. فكان سببًا فى توقف
الجهاد فى الأندلس وبدأت المدن تتساقط واحدة وراء الأخرى فى
أيدى النصارى، بسبب سحب القوات من الأندلس وهى فى أوج
انتصاراتها، وشغل المرابطون بالدفاع عن أنفسهم بالمغرب خاصة
بعد وفاة على بن يوسف بن تاشفين ثالث أمرائهم سنة (٥٣٧هـ=
١١٤٢م)، وزاد الموقف سوءًا قيام بعض الأندلسيين بالثورات ضد
المرابطين وزعمهم أنهم أكثر رقيا وأعظم حضارة من هؤلاء الأفارقة.
النواحى الحضارية:
أما عن النواحى الفكرية والأدبية، فلم يكن المرابطون يرحبون
بمظاهر الحضارة الأندلسية، فخبا ضوء الفكر والأدب فى أيامهم،
وانتهت الحلقات الأدبية التى كانت تزدان بها قصور ملوك الطوائف،
وهذا لا يمنع من ظهور شخصيات عُدَّت امتدادًا لعصر الطوائف، يأتى
على رأس هؤلاء «ابن باجة» الطبيب الفيلسوف، وأبو بكر
الطرطوشى، والفتح بن خاقان، وابن بسام الشنترينى وأبو بكر بن
قزمان أمير الزجل الأندلسى وغيرهم.
وجدير بالذكر أن المرابطين حرصوا على تحرى الحق وتحقيق العدل
وإقامة شعائر الدين، وأقاموا مجتمعًا مسلمًا عمل على الجهاد فى
سبيل الله ونصرة دينه.
وكان بالأندلس قائد أعلى هو الحاكم العام غالبًا، وللمدن قادة
يخضعون لهذا القائد الأعلى ويتولون المهام العسكرية والإدارية
وغيرها، وكان اختيار الوالى يتم على أساس تقواه وعدالته وإجادته
لمهمته، وسرعان ما كان يعزل إذا فرط أو قصَّر، وقد قسمت الأندلس
زمن المرابطين إلى ست ولايات هى: إشبيلية وغرناطة وقرطبة
وبلنسية ومرسية وسرقسطة.
أما القضاء فقد بقى مستقلا، وكان القضاة يستشارون، ولهم