- وبدأ فى أعمال تعمير المدينة ابتداء من (٢٣ من ربيع الأول ٨٥٧هـ =
١٢ من يونية ١٤٥٣م) (كان الفتح يوم ٢٩ من مايو من العام نفسهـ)
وأمر بنقل جماعات كثيرة من مختلف أنحاء الدولة إلى
«القسطنطينية» للإسهام فى إعادة إنعاشها.
- وأعاد للأرثوذكس كرامتهم التى أهدرها اللاتين الكاثوليك بأن
أعطاهم حق انتخاب رئيس لهم، يمثلهم ويشرف على شئونهم، وأصبح
«سكولا ريوس» (جناديوس) أول بطريق لهم بعد الفتح العثمانى
للقسطنطينية، وبذلك أنقذ الفاتح إيمان الأمة التى فتح ديارها،
وأحيا الأرثوذكية بعد أن أخذت تخفت.
- وجعل الفاتح مسائل الأحوال الشخصية مثل: الزواج والطلاق
والميراث وأمور الوفاة الخاصة بأهل المدينة المفتوحة من حق
الجماعات الدينية المختصة، وكان هذا امتيازًا منعدم النظير فى
«أوربا» فى ذلك الوقت.
الفاتح وحكام عصره:
كان تصرف «الفاتح» تصرفًا حضاريا فى الوقت الذى كان الحكام من
الشرق والغرب يتلذذون بسفك الدماء وبقتل الناس بالآلاف، ويتلذذون
وهم على موائد الطعام بمنظر الأسرى وقد اخترقت بطونهم أسنة
رماح الجنود، وبرفع الأسرى على الخوازيق وبخلط دمائهم بأنواع
الشراب، كما فعل «جنكيزخان» و «تيمورلنك» فى الشرق، و «فلال»
و «هونيادى» فى الغرب.
إن دولة «بيزنطة» هدمت حى المسلمين فى «القسطنطينية» وأبادت
سكانه بعد أن علم الإمبراطور بانتصار «تيمورلنك» على السلطان
العثمانى «بايزيد الصاعقة» فى واقعة أنقرة عام (٨٠٥هـ = ١٤٠٢م).
وأزهقت الجيوش الصليبية فى عملية احتلال القدس أرواح (٧٠٠٠٠)
برىء، يقول «هـ. ج. ويلز» فى ذلك: «كانت المذبحة التى دارت فى
بيت المقدس رهيبة وكان الراكب على جواده يصيبه رشاش الدم الذى
سال فى الشوارع .. » ويقول المؤرخ نفسه عن «هولاكو»: «كان
هولاكو يفتح فارس وسوريا وأظهر المغول فى ذلك الزمان عداوة
مريرة للإسلام، ولم يكتفوا بتذبيح سكان بغداد .. بل وقد صارت أرض