للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزيرة منذ تلك اللحظة التعسة يبابًا من الخرائب والأطلال لا تتسع إلا

للعدد القليل من السكان».

وتقول «سامحة آى ويردى»: «إن الجيوش الصليبية التى تدفقت على

القسطنطينية عام (٦٠٣هـ = ١٢٠٦م) قامت بتحويل المدينة إلى خرابة

بائسة فقيرة معدمة بعد أن كانت غنية معمورة يسودها الرخاء».

وعندما دخل «شارل الخامس» «تونس» عام (٩٤٧هـ = ١٥٤٠م) لم يترك

حيا أمامه إلا قتله ولم تسلم من وحشيته حتى الجمال والقطط، وهذا

ما ذكره «شهاب الدين تكين داغ» فى مذكراته عن الدولة العثمانية.

إن هذه الأمثلة إذا ما قارناها بموقف «الفاتح» الحضارى من

«القسطنطينية» وأهلها، نرى «الفاتح» قائدًا منعدم النظير بين

أقرانه من أباطرة الشرق وحكام الغرب، ولو كان «الفاتح» قد اتبع

ما كان يجرى على الجانب الغربى من البحر المتوسط من فظائع

الإسبان فى «الأندلس» وما فعلوه بالمسلمين وبالعرب ما أصبح هناك

مسيحى واحد فى «القسطنطينية».

دور المدفعية العثمانية:

كان المدفع اختراعًا حديثًا مروعًا غيّر مجرى التاريخ، وكان «مدفع

الهاون» اختراعًا عثمانيا عرفه العالم لأول مرة أثناء حصار

العثمانيين للقسطنطينية كما كان المدفع الضخم خاصة مدفع الهاون

أكبر عامل فى فتح المدينة.

كان المدفع الضخم من اختراع اثنين هما: «مصلح الدين» و «أوربان» -

و «أوربان» هذا مختلف فى أصله هل هو مجرى أو رومانى - وكان

المدفع ضخمًا جدا، وكانت تُسمع طلقاته من مسافة (٢٥ميلا) وقذيفته

من الحجر والبارود تبلغ زنة القذيفة الواحدة (١٥٠٠) كيلو جرام، يصل

مداها إلى مسافة ميل. يقول «أدارى مونتالدو»: «إن عدد المدافع

التى صبها كل من مصلح الدين وأوربان قد بلغ ٢٠٠ مدفع».

وعندما كان المدفع ينقل من «أدرنة» العاصمة إلى «القسطنطينية»

ليستقر أمام أسوارها كان لزامًا على العثمانيين توسعة طريق

«أدرنة - القسطنطينية» وقام بهذه العملية (٥٠) مهندسًا ومائتا عامل،

<<  <  ج: ص:  >  >>