كافة فى الديار العثمانية على حساب الحضارة الإسلامية، وانتقلت
سلطة السلاطين إلى الصدر الأعظم والوزراء، وتراجعت مشيخة الإسلام
إلى درجة أقل من حيث الاعتبار والنفوذ، ثم شل عملها.
وكان الحكم العثمانى قبل صدور التنظيمات يستند إلى ثلاث دعامات
رئيسية هى:
١ - السلطنة.
٢ - الخلافة.
٣ - مشيخة الإسلام.
فكان الوزراء يأتمرون بأوامر السلطان، ويساعد «ديوان الوزراء»
السلطان فى إدارة أمور الدولة، وتقوم مشيخة الإسلام بتقديم
الشورى للسلطان.
بدأ عهد التنظيمات بصدور فرمان من السلطان «محمود الثانى» باسم
«فرمان التنظيمات الخيرية» فى (٢٦ من شعبان سنة ١٢٥٥هـ= ٤ من
نوفمبر سنة ١٨٣٩م)، وانتهى عندما تولَّى السلطان «عبد الحميد
الثانى» الخلافة سنة (١٢٩٣هـ= ١٨٧٦م)، وهى السنة التى أعلنت
فيها الدولة العثمانية ما عُرف باسم «المشروطية الأولى»، أى إعلان
دستور فى البلاد لأول مرة على النمط الغربى.
وقد أكدت التنظيمات ضرورة إيجاد ضمانات لأمن جميع رعايا الدولة
على حياتهم وشرفهم وأملاكهم، ووجوب علانية المحاكمات
ومطابقتها للوائح، وإلغاء إجراءات مصادرة الأملاك، وضرورة إيجاد
نظام ثابت للضرائب يحل محل «الالتزام»، وتوفير نظام ثابت للجندية
بحيث لا تستمر مدى الحياة، وإنما تحدد مدتها بفترة تتراوح بين أربع
وخمس سنوات.
وأدى صدور هذه التنظيمات إلى حدوث تغيرات كثيرة شملت معظم
مجالات الحياة، فأنشئت المحاكم المختلطة التى تقبل الشهادة من
المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وتَبُتُّ فى القضايا المختلفة
التى يكون الأجانب أطرافًا فيها، وكان يعمل بتلك المحاكم قضاة
أتراك وأوربيون، كما صدر قانون تجارى على نمط القانون التجارى
الفرنسى، وأنشئت مجالس لمعاونة مجالس الولايات، يُمثَّل فيها
الأهالى.
وظلت القوانين الشرعية تطبق فى المحاكم التقليدية، وكذلك فى
المحاكم الحديثة التى تطبق القوانين الجديدة المتصلة بالمسائل