للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتفظ العرب بقوميتهم إلا أن عاطفة الولاء للخليفة العثمانى كانت

أقوى أثرًا من العاطفة القومية، وكانت هذه العاطفة الدينية تدعو

العرب إلى التمسك بالولاء للسلطان والدولة، فكانوا يرون أن الخروج

على الدولة خروج على الدين الإسلامى، وتفتيت لوحدته.

وكان من الطبيعى أن تحدث بعض الفتن والاضطرابات فى أنحاء

مختلفة من العالم العربى، نتيجة انتهاز بعض الحكام أو أصحاب

العصبيات الإقليمية أو العنصرية فرصة اضطراب الأحوال الداخلية فى

الدولة العثمانية؛ فقاموا ببعض المحاولات للاستقلال ببعض أقاليم

الدولة، لكن هذه المحاولات فشلت؛ لأن معظمها حركات لم تنبع من

صميم الشعب العربى؛ الذى كان يحرص على الرابطة الدينية؛ إذ قام

بها زعماء إقطاعيون؛ كان هدفهم الأول الاستحواذ على السلطة

والنفوذ، ومن أمثلة هذه الحركات:

فى «مصر»: حاول «على بك الكبير» أن يستقل عن الدولة العثمانية

فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر، فقام بطرد الباشا العثمانى،

وتعقب القوات العثمانية، كما عمل على الاستحواذ على «سوريا» من

الحكم العثمانى وضمها إلى «مصر»، وحاول الاتصال بروسيا التى

كانت فى حرب مع الدولة العثمانية؛ ولكن هذه المحاولة فشلت.

وفى «الشام»: كانت هناك ثورات حاولت الانفصال عن الدولة

العثمانية؛ ومن أهمها ثورة الأمير «فخر الدين المعنى الثانى» فى

جبل «لبنان»، وكان زعيمًا واسع الأطماع؛ تغلَّب على منافسيه من

الزعماء الإقطاعيين، وتطلَّع إلى الاستعانة ببعض الدول الأوربية فى

الانفصال عن الدولة العثمانية، فعزمت الدولة العثمانية على القضاء

عليه، ففر هاربًا إلى أمير «توسكانا».

وعاش الأمير «فخر الدين» هو وحاشيته فى «إيطاليا» نحو خمس

سنوات، ثم رجع بعدها إلى «الشام»، وحاول السيطرة عليها مرة

أخرى، ولكن الدولة العثمانية تمكنت من القضاء على فتنته، وقبض

على «فخر الدين»، وأُرسل هو وأولاده إلى «إستانبول».

<<  <  ج: ص:  >  >>