وقد مر تكوين إمبراطورية «محمد على» بالأدوار الآتية:
أولاً: الاستيلاء على شبه الجزيرة العربية:
بعد ظهور دعوة الشيخ «محمد بن عبد الوهاب» الإصلاحية، التى
أخذت خطا سياسيا بعد أن كانت دعوة دينية، وفشلت جهود الدولة
العثمانية فى القضاء عليها؛ لجأ السلطان العثمانى إلى «محمد
على» ليعاونه فى إخماد هذه الحركة.
وقد استمرت الحملة المصرية على «شبه الجزيرة» سبع سنوات تمكن
خلالها «محمد على» من القضاء على الحركة الوهابية ودولتها
ودخول عاصمتها الدرعية، وقد أكسبت هذه الحملة «محمد على» صلة
وثيقة بالعالم العربى نظرًا لسيطرته على الحرمين الشريفين.
ثانيًا: السودان:
اتجه «محمد على» إلى «السودان» فى سنة (١٢٣٥هـ= ١٨٢٠م) ليفتحه
ويستثمر مناجم الذهب، ويسيطر على منابع النيل، فأرسل جيشه إلى
«السودان» فسقطت المدن السودانية تباعًا، وقد حققت حملة «محمد
على» فى «السودان» امتداد العنصر العربى فى «وسط إفريقيا»
وزادت من رقعة البلاد التى يسيطر عليها.
ثالثًا: حرب المورة:
فى الوقت الذى كان فيه «محمد على» يوطد دعائم دولته، دعاه
السلطان العثمانى ليخوض معركة ضد «بلاد المورة» التى ثارت على
حكم العثمانيين، ولم تتمكن الدولة من القضاء عليها سنة (١٢٣٦هـ=
١٨٢١م)، ووافق «محمد على»، وأرسل جيوشه أملاً فى الحصول
على «الشام» هدية من السلطان العثمانى، وبفضل قوة «مصر»
الحربية بدأ إخماد الثورة، غير أن تدخل «روسيا» و «بريطانيا» فى
الحرب وتحطيمهما للأسطول المصرى فى معركة «نوارين» جعل
«محمد على» يقبل الهدنة ويسحب جيشه من «المورة».
ضم بلاد الشام:
تعتبر حملات جيش «محمد على» على بلاد «الشام» بقيادة ابنه
«إبراهيم» أوسع الحروب التى خاضها وأكثرها شأنًا، وإذا كانت
حروبه السابقة بأمر السلطان العثمانى ودفاعًا عن دولة الخلافة، فقد
كانت حروب «الشام» ضد السلطان، وأوجدت الفرصة للتدخل الأوربى
المباشر بينهما.