للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان «محمد على» ينظر إلى بلاد «الشام» على أنها خط الدفاع الأول

عن «مصر» من ناحية الشمال، وكان يطمع فى ضمها إلى دولته،

لحماية «مصر» من الشمال، بالإضافة إلى ما تتمتع به «سوريا» من

مزايا اقتصادية أهمها وجود الأخشاب وبعض المعادن التى تفتقر

إليها «مصر».

انتهز «محمد على» انشغال السلطان بحربه فى «أوربا»، فهاجم

«سوريا» مفتعلا خلافًا مع والى «عكا» «عبد الله الجزار»، فأرسل

جيوشه بقيادة ابنه «إبراهيم» إلى «الشام» فى (جمادى ١٢٤٧هـ=

أكتوبر ١٨٣١م).

وتطورت الحرب فدخل «إبراهيم باشا «دمشق» وهزم الأتراك فى

«حمص» فى موقعة «مضيق ميلان»؛ وبذلك وصل إلى «جبال

طوروس»، ثم تقابل الجيشان المصرى والتركى فى «قونية»، وكان

النصر حليف جيش المصريين، وتدخلت دول غرب «أوربا»، فطلبت من

«محمد على» وقف القتال وعزمت على التدخل بعد أن رأت أن

«روسيا» تريد أن تتدخل فى الأمر، ثم فرضت الدول الأوربية على

«محمد على» قبول اتفاق «كوتاهية» وبمقتضاه أعطى «محمد

على» حكم بلاد الشام وابنه «إبراهيم» حكم «أطنة»، بشرط ألا يكون

لهما الحق فى توريثهما، وبذلك قامت دولة عربية تمتد من «أطنة»

شمالا إلى «بحر الجبل» بالسودان جنوبًا، ومن «الخليج» شرقًا إلى

حدود «برقة» غربًا.

ولم تعمر هذه الدولة العربية طويلا؛ إذ اجتمعت عليها عوامل أدت إلى

انهيارها سنة (١٢٥٦هـ= ١٨٤٠م)، فلم يحظَ الحكم المصرى فى هذه

البلاد بالقبول، ففى «الحجاز» و «السودان» اعتبر الأهالى جنود

«محمد على» محتلين لبلادهم، وفى «الشام» استاء الأهالى من

سياسة الحكم المصرى فى جمع الضرائب واحتكار تجارة الحرير،

ومن ثم قاموا ببعض الثورات.

كما أن السلطان العثمانى كان ساخطًا على «محمد على» وكان

يعمل جاهدًا على عزله، وكانت الدول الأوربية تعارض قيام دولة

عربية قوية تقف فى وجه أطماعها فى أملاك الدول العثمانية.

اجتمعت كل هذه العوامل للقضاء على «محمد على»، وتمثلت فى

<<  <  ج: ص:  >  >>