للتدخل فى شئون «مصر» ماليا، فجاءت البعثات الغربية للمحافظة
على أموال الدائنين، ثم أنشئ صندوق الدَّين للحد من حرية تصرف
الدولة المصرية فى الإدارة والحكم، وكان هذا التدخل السياسى
تمهيدًا للتدخل العسكرى من جانب «إنجلترا» فى عهد الخديو
«توفيق»، الذى تولى بعد عزل الخديو «إسماعيل».
ولما قامت الثورة العرابية بقيادة «أحمد عرابى» مطالبة بحق
المصريين فى قيادة الجيش ومناصب الدولة العليا، أذعن الخديو لبعض
مطالبها ثم تشكلت وزارة برئاسة «محمود سامى البارودى» تولى
«عرابى» فيها نظارة الحربية، ولكن «إنجلترا» و «فرنسا» أخذتا فى
تصعيد الأزمة بين الخديو ووزارة «البارودى»، ثم تطور الأمر فأرسلت
«إنجلترا» و «فرنسا» أساطيلها إلى مياه «الإسكندرية» وطالبتا -
فى مذكرة مشتركة - الحكومةَ المصرية بإبعاد زعماء الحركة العرابية
عن «مصر» وإقالة حكومة «البارودى»، فرفض الوزراء والشعب هذه
المذكرة، ولكن الخديو قبلها، وكان من الصعب تشكيل وزارة بدون
«عرابى»، الذى أصبح ينال تأييد كلٍّ من الجيش والشعب، ولكن
«إنجلترا» التى كانت مصممة على احتلال «مصر» بدأت أساطيلها
فى ضرب «الإسكندرية» يوم (١١ من يوليو ١٨٨٢م) واضطر الجيش
المصرى إلى إخلاء المدينة، ثم تقدمت القوات الإنجليزية حتى احتلت
«القاهرة»، بعد أن هزمت العرابيين فى معركة «التل الكبير» فى
(ذى القعدة ١٣٠٠هـ= سبتمبر ١٨٨٢م).
الحركة المهدية:
نشأت الحركة المهدية فى «السودان» على يد السيد «محمد أحمد
المهدى»، الذى نشأ بالقرب من «دنقلة»،وحفظ القرآن الكريم وتعلم
الفقه والحديث والتوحيد.
نادى «المهدى» بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه، وهاجم الاختلاف فى
الشروح والمسائل الفقهية الفرعية.
وكان من أسباب قيام الحركة المهدية إرهاق حكومة «السودان»
المواطنين بالضرائب، واحتكارها للمحاصيل والسلع التجارية المهمة،
وإهمال السودان وعدم إرسال الإمدادات إليه أثناء انشغال «مصر»