على رأسها ملوك هذه البلدان، الذين كانوا يحرصون على أداء هذه
الفريضة رغم ما كانوا يتكبدونه من مشاق ومتاعب، نظرًا لطول
الطريق ومخاطره ووعورته، لكنهم كانوا يخرجون فى رحلة قد
تستغرق عامًا أو عامين ويلتقون فى موسم الحج بإخوانهم المسلمين
على اختلاف بلادهم وألسنتهم وألوانهم، فيشعرون جميعًا بالأخوة
الإسلامية، ويشعر الإفريقى بانتمائه إلى عالم إسلامى واسع،
وبأخوته لمسلمى ذلك العالم، فتتحطم الحواجز العرقية والقبلية
واللغوية والاجتماعية، ويصبح الجميع شعبًا واحدًا يتكلمون بعبارات
واحدة، ويتجهون إلى قبلة واحدة، ومن ثم أصبح خروج المسلمين من
غرب إفريقيا ووسطها وشرقها جماعات وفرادى إلى الحج،
واتصالهم بالشعوب الإسلامية المختلفة فى بلاد الحجاز أو أثناء رحلة
الذهاب والعودة تأكيدًا لروح الأخوة الإسلامية التى فرضها الإسلام،
فيعود هؤلاء الأفارقة ممتلئين بالحماسة لنشر هذا الدين، وَوَقْف
جهودهم على إعلاء شأنه فى بلادهم وما جاورهم من البلاد الوثنية،
خاصة أن هؤلاء الحجاج كانوا يعودون محملين بالكتب الدينية التى
تزيد من علم الأفارقة وثقافتهم كما كانوا يعودون أحيانًا مصحوبين
ببعض الدعاة والفقهاء والتجار من غير الأفارقة، مما كان له أثره
فى نشر الإسلام، لاسيما وأنهم كانوا يقومون بإنشاء المدارس لتعليم
اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم ونشر الإسلام بين الوثنيين، ونشر
عقائده الصحيحة بين المسلمين الأفارقة.
وكان المسلمون الجدد من هؤلاء الأفارقة يرون ارتفاع المكانة
الاجتماعية لإخوانهم وأقربائهم من الذين أدوا هذه الفريضة، فيقدمون
هم الآخرون عليها، ولذلك تعددت قوافل الحج التى كانت تخرج من
هذه البلدان، والتى كانت تضم آلافًا مؤلفة وعلى رأسها الملوك
والحكام فى أحيان كثيرة.
ومن أشهر الملوك الذين أدوا هذه الفريضة من حكام إفريقيا «منسا
موسى» سلطان «مالى الإسلامية»، الذى خرج إلى الحج من هذا