المنطقة، وأقامت فى المدن الساحلية التجارية، مثل «سواكن»
و «باضع» (مصوع) و «زيلع» و «بربرة»، وانطلقت إلى الداخل وسكنت
مع الأهالى واشتغلت بالتجارة والزراعة والرعى، وازداد عددها حينًا
بعد حين حتى تمكنت من إقامة سلطنات إسلامية، مثل «سلطنة شوا»
و «سلطنة أوفات» و «سلطنة عدل» الإسلامية.
وقد ازدادت هجرات العرب على ساحل شرق إفريقيا وأنشئوا مراكز
تجارية بطول هذا الساحل، حتى قال بعض المؤرخين إنهم أنشئوا
ستا وثلاثين مدينة، بدءًا من «مقديشيو» فى «الصومال» وحتى
«سوفالة» جنوب نهر «الزمبيزى» فى «موزمبيق».
ومن أشهر هذه الهجرات هجرة «سليمان» و «سعيد» ابنى «عباد بن
عبد بن الجلندى»، وكانا ملكين فى «عُمان»، واضطرتهما ظروف
القتال مع «الحجاج بن يوسف الثقفى»، الذى أراد أن يفرض نفوذه
على «عمان» بالقوة المسلحة، إلى ترك وطنهما والاتجاه فى سفن
إلى ساحل شرق إفريقيا؛ حيث وصلا ومن معهما من رجال وجند
وأهالى إلى جزر «أرخبيل لامو» التى تقع فى دولة «كينيا» الآن،
وذلك فى الفترة (٧٥ - ٨٥هـ = ٦٩٤ - ٧٠٤م)، واستقروا هناك وأنشئوا
إمارة صغيرة كان لها أثرها فى نشر الإسلام بين الأهالى الموجودين
فى تلك المنطقة.
كذلك هاجر بعض الشيعة الزيدية إثر مقتل إمامهم «زيد بن على زين
العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب» - رضى الله عنهم
أجمعين - فى عام (١٢٢هـ= ٧٤١م) على يد الخليفة الأموى «هشام بن
عبدالملك»، فاضطر أتباعه بعد مقتله إلى الهجرة خوفًا من اضطهاد
الحكام لهم، فوصلوا إلى ساحل «بنادر» بالصومال، وأقاموا هناك
نحو مائتى عام أرسوا فيها قواعد الإسلام والثقافة الإسلامية بين
الصوماليين.
ولم تلبث أن وفدت هجرة أخرى إلى هذا المكان نفسه تعرف باسم
هجرة الإخوة السبعة، جاءت من «الأحساء» فى عام (٢٩٢هـ = ٩٠٤م)
ووصلت إلى ساحل «بنادر» بالصومال، بعد أن ضاق بهم المقام فى
منطقة الخليج؛ نتيجة لصراعات سياسية ومذهبية، وكان هؤلاء الإخوة