للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قبيلة «الحارث» العربية، ولما وصلوا إلى هذا الساحل استطاعوا

أن يطردوا الزيدية إلى الداخل. وأن ينشئوا مدينة «مقديشيو» فى

عام (٢٩٥هـ= ٩٠٧م) ويتخذوها عاصمة لدولتهم التى أقاموها هناك،

والتى كانت تعرف باسم «سلطنة مقديشيو الإسلامية». وبذلك ظهر

إلى الوجود مركز إسلامى كبير كان له أثره القوى فى نشر الإسلام

لا بين الصوماليين فحسب، بل بين كثير من سكان شرق إفريقيا كله.

وقد أعقب تلك الهجرة هجرة شيرازية فارسية أتت من «شيراز»

بإيران، كان على رأسها أمير يدعى «على بن حسن بن على

الشيرازى»، وذلك فى عام (٣٦٥هـ = ٩٧٥م) نتيجة خلافات وقعت بينه

وبين إخوته فى «شيراز»، اضطرته إلى الهجرة هو وأتباعه ورجاله

فى سبع سفن ضخمة إلى شرق إفريقيا؛ حيث استقر بهم المقام فى

جزيرة «كلوة» التى تتبع دولة «تنزانيا» الآن، واستطاع أن يؤسس

سلطنة إسلامية تسمى «كلوة»، ظل يحكمها هو وأحفاده نحو قرنين

من الزمان حتى أتت هجرة عربية أخرى من «اليمن» من «بنى الحسن

بن طالوت المهدلى»، وحكمت هذه السلطنة، ومن ثم تغلبت الصبغة

العربية فيها على الصبغة الشيرازية الفارسية واستمرت هذه السلطنة

قائمة حتى جاء البرتغاليون وتغلبوا عليها فى عام (٩١١هـ =

١٥٠٥م).

ونتيجة لهذه الهجرات العربية المتتابعة انتشر الإسلام واللغة العربية

بين السكان المحليين فى منطقة «القرن الإفريقى»، وفى منطقة

الساحل الشرقى لإفريقيا، وكذلك فى الجزر المواجهة لهذا الساحل،

مثل «جزيرة زنجبار»، و «جزر القمر»، و «جزيرة مدغشقر» (مالاجاش

الآن) وغيرها من الجزر، وتكوَّن عالم إسلامى واضح المعالم

والقسمات، نشأت فيه دول وسلطنات إسلامية ظلت موجودة حتى

اصطدمت بالبرتغاليين والأحباش، ثم بالاستعمار الأوروبى فى العصر

الحديث.

كذلك خرجت هجرات عربية من «مصر» فى اتجاه الغرب إلى بلاد

المغرب العربى منذ عصر الفتوحات الإسلامية فى القرن الأول للهجرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>