وظلت هذه الهجرات تتتابع حتى القرن الخامس للهجرة؛ حيث نزح من
«مصر» إلى هناك «بنو هلال» و «بنو سليم»، ولاشك أن الحكم
العربى الإسلامى لهذه البلاد بالإضافة إلى هذه الهجرات قد أديا فى
النهاية إلى تعريب أهل البلاد الأصليين، فانتشرت بينهم اللغة العربية
وأصبحت لسانهم، وغدت هذه البلاد بلدانًا عربية إسلامية، وقد
انطلقت من هذه البلاد هجرات عربية لكنها كانت قليلة العدد قليلة
الأفراد، اتجهت جنوبًا إلى الصحراء الكبرى ومنها إلى حوض «نهر
السنغال» و «النيجر»، وحوض «بحيرة تشاد» مثل «بنى جذام»
و «بنى حسان» و «بنى معقل» و «أولاد سليمان» و «جهينة» وغيرهم،
واستقرت هذه القبائل هناك ولاتزال توجد إلى الآن بعض هذه القبائل
التى تحتفظ بأصولها العربية، ولكن نظرًا لقلة هذه الهجرات وقلة عدد
أفرادها فإنها لم تؤدِّ إلى انتشار اللغة العربية بين الأهالى هناك،
وكانت لغة العلم والتعليم والتجارة والوثائق الرسمية للدولة فقط،
ولما جاء الاستعمار الأوربى إلى هذه البلاد حارب هذه اللغة وحارب
الإسلام بكل ما يستطيع من قوة، ولايزال يحاربه رغم الاستقلال.
وإذا كان العرب قد هاجروا إلى البلدان الإفريقية فى مختلف أنحاء
القارة، وكان لهم أثرهم الكبير فى نشر الإسلام ولغته وثقافته،
وكذلك فى إقامة سلطنات إسلامية، فقد كان لهجرات البربر أثر كبير
أيضًا فى هذه الميادين، وخاصة «بربر صنهاجة»، الذين كانوا
يسكنون الصحراء الكبرى، واستطاعوا نتيجة لجهود داعية عظيم
أشرنا إليه وهو الشيخ «عبدالله بن ياسين الجزولى» أن يقيموا
«دولة المرابطين» منذ عام (٤٤٨هـ = ١٠٥٦م)، وأن يضموا إليها «بلاد
المغرب الأقصى» و «بلاد الأندلس»، ثم «مملكة غانة» الوثنية، وانطلق
دعاتهم بين أهالى «غانة» و «السودان الغربى» ينشرون الإسلام،
كذلك وفد كثير من قبائل البربر الأخرى إلى هذه البلاد مهاجرين
إليها، واستقروا فيها وأنشئوا المدن والمراكز التجارية مثل مدينة