النيجر»، وامتد نفوذها إلى موقع «تمبكت» شرقًا وبلاد «التكرور»
أو «السنغال» غربًا، وينابيع نهر «النيجر» جنوبًا، وأغلب الصحراء
الغربية (موريتانيا حاليا) شمالا، وانتقلت عاصمتها إلى مدينة
«كومبى» أو «كومبى صالح» وهى نفسها مدينة «غانة».
وقد اعتمدت إمبراطورية «غانة» على التجارة كمصدر رئيسى فى
اقتصادها خاصة تجارة الذهب، حتى صارت تعرف ببلاد الذهب،
وأصبح ملوك «غانة» من أغنى ملوك الأرض؛ بفضل سيطرتهم على
الطرق المؤدية إلى مناجم الذهب والتى كانت تقع فى منطقة
«وانقارة» أو «وانجارة» جنوبى مملكة «غانة».
وقد أدَّى رواج التجارة إلى أن أصبحت «غانة» (العاصمة «كومبى
صالح») أكبر أسواق بلاد «السودان»، ودخل الإسلام إليها سلميا عن
طريق التجار والدعاة المسلمين، ويتبين هذا من رواية «البكرى» الذى
زار هذه البلاد فى عام (٤٦٠هـ = ١٠٦٨م)، وذكر أن مدينة «غانة»
مدينتان يحيطهما سور، إحداهما للمسلمين وبها اثنا عشر مسجدًا،
يُعيَّن لها الأئمة والمؤذِّنون، والقضاة، أما المدينة الأخرى، فهى مدينة
الملك وتسمى بالغابة، وبها قصر الملك ومسجد يصلى فيه من يَفدُ
عليه من المسلمين. ويضيف «البكرى» أن مترجمى الملك وصاحب بيت
ماله وأكثر وزرائه كانوا من المسلمين، وهذا يدل على أن الإسلام قد
انتشر بين زنوج غربى إفريقيا لدرجة أن شعب «التكرور» بأكمله
أسلم على يد الملك «وارجابى بن رابيس» الذى توفى عام (٤٣٢هـ =
١٠٤٠م)، كذلك امتد الإسلام إلى مدينة «سلى» التى تقع بين
«التكرور» و «غانة»، وإلى مدينة «غيارو» التى تبعد عن مدينة
«غانة» مسيرة (١٨) يومًا.
ويتحدث «البكرى» عن مملكة أخرى هى مملكة «ملل» ويقصد بها
مملكة «مالى» التى تقع جنوبى مملكة «غانة»، ويقول: إن ملكها
يعرف بالمسلمانى لأنه أعلن إسلامه على يد أحد الفقهاء المسلمين
الذى خرج معه للاستسقاء بعد أن أجدبت البلاد وكاد الناس يهلكون،