«أبو بكر» لابن تاشفين بلاد «المغرب الأقصى»، وأن يعود هو إلى
الصحراء مؤثرًا وحدة الصف، متجنبًا سفك الدماء، وكرس كل جهوده
للتوسع فى بلاد «السودان» ونشر الإسلام بين قبائله، وكان هدفه
هذه المرة هو إسقاط إمبراطورية «غانة» الوثنية التى أصبحت دولة
«غانة» الإسلامية فيما بعد.
دولة غانة الإسلامية [٤٦٩ - ٦٠٠ هـ = ١٠٧٦ - ١٢٠٣م]:
«غانة» التى نقصدها بهذا الحديث ليست هى «غانا» التى تقع اليوم
فى أقصى الجنوب من غرب إفريقيا وعاصمتها «أكرا» وإنما هى
التى تقع بين منحنى «النيجر» و «نهر السنغال»، وتضرب حدودها
فى جنوبى «موريتانيا» الحالية، وكانت عاصمتها مدينة تُسمَّى
«كومبى» وتقع على بعد (٢٠٠) ميل شمال «باماكو» عاصمة دولة
«مالى» الحالية.
وكانت غانة القديمة متسعة النفوذ والسلطان حتى قيل عنها: إنها
كانت إمبراطورية خضع لها معظم بلاد «السودان الغربى» فى النصف
الأول من العصور الوسطى. وتعد هذه الدولة أو الإمبراطورية من أقدم
ممالك غربى إفريقيا شمال نطاق الغابات، ويرجع تاريخ نشأتها إلى
الفترة مابين القرن الثالث والرابع الميلاديين، ويبدو أن كلمة «غانة»
كانت لقبًا يطلق على ملوكهم، ثم اتَّسع مدلول هذا الاسم حتى أصبح
يطلق على العاصمة والإمبراطورية. وقد قامت هذه الدولة على يد
جماعة من البيض وفدوا من الشمال، وكان أول ملوكهم المدعو
«كازا» قد اتَّخذ مدينة «أوكار» قرب «تمبكت» الحالية عاصمة له،
وكان الشعب يتكون من قبائل «السوننك»، وهى أحد فروع شعب
«الماندى» الذى يسكن معظم نواحى غرب إفريقيا.
واستطاعت هذه الدولة منذ أواخر القرن الثامن الميلادى، وبعد أن
انتقل الحكم إلى فرع «السوننكى» - أن تُخضِع بلاد «فوتا» حيث
التكرور والولوف والسرير، ووصل هذا التوسع إلى نهايته القصوى
فى مستهل القرن الحادى عشر للميلاد، فأصبحت «غانة» تسيطر
على المسافات الممتدة من أعالى «نهر السنغال» وأعالى «نهر