ادعى على آخر عند حاكم أنه زوجه ابنته فلانة القاصرة زواجا صحيحا، فأنكر أبوها الزواج وهو معنى قوله في النظم:"وهو في الجحد عالق"، فأقام الزوج بينة بعد الإنكار أن الأب المذكور زوج ابنته المذكورة الغائبة من فلان المدعي وهو معنى قوله: إذا قام برهان فحكم القاضي بصحة نكاحها اعتمادا على البرهان المذكور وهو البينة وذلك في غيبة البنت، وحكمه أيضا بناء على أنها قاصر إلى الآن فوثق الزوج المدعي بصحة هذا النكاح اعتمادا على الحكم والبينة وأن الزوجة قاصر فالحكم على الأب صحيح؛ لأنها لا تصح عليها الدعوى؛ لأن شرط صحة الدعوى أن يكون المدعى عليه كاملا، ثم بعد تمام ذلك وانبرامه جاءت الزوجة المذكورة أو وكيلها إلى الحاكم قائلة للحاكم: إن حكمك غير صحيح لعدم صحة الدعوى؛ لأنها وقعت على والدي والحال أني بالغ وأن ولاية أبي عني ارتفعت، وإنما الدعوى وإقامة الشهود علي فأقام الشهود على أبي غير صحيحة؛ لعدم صحة الدعوى عليه، لأنه ليس بخصم لأن شرطه لو أقر بالمدعي به صح إقراره ولو أبى لا يصح منه ذلك، ثم إن إمارة البلوغ فيها ظاهرة متأكدة وشواهدها بارقة مشرقة فيقبل منها القاضي ذلك ويقول لها: لا لوم علي؛ لأن ما جرى من باب فقه القضاء لا من باب علم القضاء وظاهر ذلك أنه يقبل منها ذلك، وإن لم تقم عليه بينة نعم لو ادعت البلوغ في سن ممكن بالحيض قبلت؛ لأنه لا يعرف إلا منها، وأما لو ادعت بالسن فقد يقال على قواعدنا إنها تكلف البينة، ثم يقول لها القاضي: حكمي على أبيك تبين بطلانه؛ لكونه غير خصم وأنت الخصم وهذا الزوج يدعي عليك أنك زوجته فتنكر هي ذلك، فإن أقام الزوج عليها البينة وأن أباها زوجها بالولاية عليها في حال سفرها فيقبل، ويحكم بنكاحها ثانيا هذا هو الظاهر المتبادر من النظم والمدرك وإن كان الشيخ أحمد المصري الذي في نابلس فهم أن الحكم باطل والنكاح أيضا باطل من أصله أخذ ذلك من جواب الشيخ خير الدين الثاني تجاب لدعواها بعد قولها:"غير بت" ولكن هذا غير مراد؛ لأن المسئول عنه إنما هو ارتفاع الحكم لا سيما قوله في الجواب الأول، ويقبل منها الدفع بعد حكمه أي إنكار النكاح من أصله، فإن أقام الزوج بينة فلها معارضتها وهذا معنى قوله ثانيا كذلك دفع الدفع والزيد لاحق. فإن أقام البينة ثانيا بعد إبطالها الأولى فلها دفعها، وهذا معنى قوله: والزيد لاحق وهكذا وظهر من تقريره أن هذه المسألة في هذه الحالة ينقض فيها حكم الحاكم فتراجع من محليها وهذا ظاهر عند إنكار الأب النكاح كما في السؤال، وأما لو أقر به وحكم الحاكم بإقراره، فهل لها دفع هذا الحكم والحالة ما ذكر وظاهر الجواب الثاني أن لها ذلك أخذا من قولها: "وإن أتى على صغرى من عاقديه