للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الداخلي، وكون النفس هي أساس الإصلاح ذلك التأمل الباطني، والإنقطاع عن الحياة، الأمر الذي يسخر منه الفيلسوف المربي "جون ديوي" في كتابه "تجديد في الفلسفة" فيقول: "وهكذا فبينما كان القديسون مشغولين بالتأمل فيما يجري في نفوسهم، كان الخاطئون المستهترون يتولون تدبير شؤون العالم" (١) لأن طبيعة الفكر الباديسي أو ميزته العقلية أنه يجمع بين الفكر والعمل، بين النظر والتطبيق، وهي ميزة النفوس القوية، وطبيعة المفكرين المؤمنين. وحياته كلها مصْطبغة بهذا الطابع، ونموذج حي له، وقد عبر لنا عن هذه الحقيقة الحية بقوله: "العلم قبل العمل ومن دخل العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال" (٢) ويعتبر أنه لا سبيل إلى محو البدع والضلالات إلا بالعلم والعمل، وإظهار الإسلام بسلوكنا في الحياة، أمام الناس في مظهره الصادق الصحيح، ويرى أن المنهج الذي نجح به المسلمون الأولون في تغيير العالم، إنما هو سلوكهم وتطبيقهم الإسلام على أنفسهم وغيرهم في الحياة" (٣) وأكثر من ذلك فإنه أدخل الصناعات التطبيقية في منهاج التعليم، وخصوصاً الصناعة اليدوية. والإنقلاب الأساسي الذي حدث في التربية الحديثة هو التوحيد بين التعليم النظري والعمل اليدوي أو التطبيقي، باعتبار أن العمل نشاط قائم على أساس المعرفة وعلى أساس إدراك المرء لما سيعمله (٤).

[أهداف التربية عند ابن باديس]

إن أهداف أيِّ تربية تشتق من المجتمع، أعني من فلسفته،


(١) ص ٣١٧.
(٢) ج ١٢ م ٨ ص ٦١٦ - ٦١٨ شعبان ١٣٥١ - ديسمبر ١٩٣٢م
(٣) ج ٧ م ١٥ ص ٣٣٢/ ٣٣٤.
(٤) أنظر المجتمع السليم ص ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>