كان نعيمان رجلا صالحاً وكان يصيب من الشراب فيجاء به إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فيقيم عليه الحد فقال له رجل مرة: لعنه، فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: لا تفعل إنه يحب الله ورسوله.
قد كان الحد له طهرة، وكانت التوبة له مرجوة، وكان عنده من محبة الله ورسوله ما رجح بذلك النقص والبلية، ولعن المعين لا يجوز.
أتقول كيف كان يحب الله ورسوله ويشرب الخمر؟ فنقول: قد برهن على صدق حبه لله ورسوله ببذله نفسه في تلك المشاهد العظيمة التي شهدها والجود بالنفس أقصى غاية الجود. وأي دليل أدل على صدق الحب من بذل النفس. وأين تقع عبادة ذلك المتعبد الجثامة المنزوي الحريص على الحياة، من ذلك المسلم العادي الذي نصب نفسه هدفا للبلايا والمحن، واقتحم أسباب الهلاك في سبيل الله على هنات فيه؟
هذا، والله، أنفع لعباد الله، وأصدق حبا لله، وأقرب إلى رضوانه، وأدنى إلى المتاب عليه. لأنه من الذين باعوا لله أنفسهم وأموالهم، فاستبشروا ببيعهم الذي بايعوا به:{ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(١).
(١) ش: ج ٣، م ١٥، ص ١١٣ - ١١٥ غرة ربيع الأول ١٣٥٨ه - أفريل ١٩٣٩م.