للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء أبو بكر وأصحاب له فأدركوا القوم وردوا إليهم القلائص وعرفوهم الحقيقة. فضحك رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم من هذه النادرة مدة عندما يتذكرونها.

وقدم أعرابي فدخل على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وأناخ ناقته بالفناء فقال بعض الصحابة للنعيمان لو عقرتها فأكلناها فإنا قد قرمنا إلى اللحم. ففعل، فخرج الأعرابي فصاح: واعقراه يا محمد، فخرج النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال من فعل هذا فقال النعيمان فاتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير واستخفي في سرب لها وجعل عليه السعف والجريد. فأشار إليه رجل ورفع صوته يقول ما رأيته يا رسول الله ويشير بأصبعه حيث هو فأخرجه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وقد تغير وجهه بالسعف الذي سقط عليه وقال له ما حملك على ما صنعت. قال الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني فجعل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يمسح عن وجهه ويضحك ثم غرمها رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- للأعرابي.

[الإسلام دين السماحة والسجاحة]

هؤلاء هم خيار الأمة، وهم أهل الصدق والجد، وذوو القوة في الحق والصلابة في العقيدة، وهكذا كانوا أهل سماحة وسهولة وسجاحة ولين في الحالة الاعتيادية. حتى ينفق بينهم مثل هذا الظرف والمزح والدعابة، فإذا الجد فهم هم، فالتزمت والعبوس خشونة ويبوسة في الخلقة، أو تكلف ورياء، وحسبك بهما من شرين. وقد كان النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - يمزح ولا يقول إلا حقاً فلا يبلغ المزاح بكبار الناس إلى ما بلغ إليه نعيمان ولكن لا تضيق أخلاقهم بمثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>