للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معارضته ما يؤمن عليه العباد، ويتفقون عليه لولا ما يصدهم عنه من العناد، وهو معنى قوله- صلى الله عليه وآله وسلم- «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر». والنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قد أوتي مثل هذه الآيات، وقد غفل الكثير منها كثير من أصحابه- رضي الله عنهم- واشتهرت عند أئمة الحديث والنقل، غير أن آيته الخالدة الدائمة كعموم رسالته ودوامها هي القرآن العظيم وهو الوحي الذي أوحاه الله إليه، فهي المعول عليها في دوام الحجة على تعاقب العصور والأجيال، اذ لا يقوم غيرها مقامها في بقائها مشاهدة لجميع الناس، ولذا حصر آيته فيها فقال: «وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي».

[تفرقة وترجيح]

آيات الرسل- صلوات الله عليهم- كانت معجزات كونية لا يشهدها إلاَّ من حضرها، ثم تبقى أخبارا يمكن للجاحد إنكارها ويتأتي للمشاغب أن يصنع من الخزعبلات والمخارق ما يموه به على ضعفه العقول ويدعي مماثلتها.

وآية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وهي القرآن العظيم معجزة علمية عقلية يخضع لسلطانها كل من يسمعها ويفهمها ولا يستطيع معارضتها، لا في لفظها وأسلوبها وبيانها، الذي عجزت عن معارضة أقصر سوره العرب، على ما كان من حميتها وانفتها وشدة رغبتها في إبطالها لو وجدت سبيلا إليها فقط- بل لا تستطاع معارضتها فيما اشتملت عليه من أصول العلوم التي يحتاج إليها البشر في كمالهم وسعادتهم أفرادا وجماعات، وأمما وما اشتملت عليه من الأدلة القاطعة والحكم الباهرة في كل ما دعت إليه إلى ما اشتملت عليه من حقائق كونية كانت مجهولة عند البشر حتى كشفها العلم في هذا العصر مثل

<<  <  ج: ص:  >  >>