للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة في وجوب انذارهم باعتبار مشاركتهم لهم في الوصف وهو غفلتهم لعدم انذار آبائهم.

[لا حجة لمن مات على كفره بما سبق من علم الله]

قامت حجة الله على خلقه بما ركب فيهم من عقل، وما مكنهم من اختيار، وما نصب لهم من آيات مشاهدات وما أرسل اليهم من رسل بآيات بينات، وهذه كلها أمور معلومة لديهم ضرورية عندهم لا يستطيعون أن ينكروا شيئا منها، فلا يمكنهم أن يجحدوا ما عندهم من عقل ومن اختيار، ولا أن ينفوا ما يشاهدونه من الآيات في المخلوقات، ولا أن ينكروا مجيء الرسل اليهم وما تلوا عليهم من آيات، وبهذه الاشياء قامت حجة الله عليهم وكان جزاؤهم على ما اختاروه بعدها لأنفسهم. فأما ما سبق من علم الله فيهم فهو أمر مغيب عنهم غير مؤثر فيهم- لأن العلم ليس من صفات التأثير- ولا دافع لهم. فليس لهم أن يحتجوا به لأنفسهم لأنهم لم يعملوا لأجله، كيف وهو مغيب عنهم.

وإنما عملوا باختيارهم الذي يجدونه بالضرورة من أنفسهم.

[توجيه للترتيب]

تقوم حجة الله على العبد أولاً ويعمل هو- كاسباً ومكتسباً- باختياره ثانيا، ويظهر لنا ما سبق من علم الله فيه بعد أن اختار ما اختار ثالثا. ولهذا قدمت النذارة وما يرتبط بها على هذه الآية التي فيها بيان ما سبق من علم الله فيهم.

[تقريب]

قد يكون لرجل ولدان هو عالم بنفسيتهما وأخلاقهما وسيرتهما ثم يأمرهما بأمر فيه الخير لهما وهو يعلم- بما علم من أحدهما- انه يمتثل ويعلم- بما علم من الأخر- انه يخالف. ويقول لأهل

<<  <  ج: ص:  >  >>