في أوائل هذا الشهر ختمت الدروس العلمية بالجامع الأخضر فجمع الأستاذ عبد الحميد بن باديس طبقات التلامذة الثلاث- وهم ينيفون على مائتين تلميذ- ليلقي عليهم كلمة الوداع ويزودهم بالوصايا النافعة فذكرهم بما بينه وبينهم من رابطة الأبوة والنبوة وما بينهم من رابطة الأخوة وما تقتضيه هذه الروابط من محبة مثمرة للأعمال الصالحة في الخدمة العامة، ومن دوام اتصال للتعاون على الخير، ومن تسامح بين الجميع،، ومن تناصح بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
ثم حثهم على أن يمثلوا الأخلاق الإسلامية الفاضلة بين أقوامهم حتى تظهر عليهم آثار ما كانوا فيه من غربة للتربية والتعليم فيحببوا الناس في العلم ويكونوا لهم قدوة فيه وفي العمل به.
وأوصاهم بنشر ما تعلموا من خير برفق ولطف وأن يكونوا مظاهر محبة ورحمة على ما قد يلقونه من جفوة من بعض الناس، وأن لا يقابلوا ذلك إلا بالتسامح دون أدنى شيء من المكروه. ثم قال لهم:
"اتقوا الله، ارحموا عباد الله، اخدموا العلم بتعلمه ونشره، وتحملوا كل بلاء ومشقة في سبيله، وليهن عليكم كل عزيز ولتهن عليكم أرواحكم من أجله. أما الأمور الحكومية وما يتصل بها فدعوها لأهلها وإياكم أن تتعرضوا لها بشيء".
(١) رأينا نشر هذا المقال لأن مضمونه كلام لابن باديس وإن لم يكن بقلمه.