فرط قوم فأهملوا الإستشفاء بالذكر المأثور واقتصروا على الدواء المادي فحرموا أنفسهم من خير كبير إذا لم يكونوا له كالمنكرين، وأفرط آخرون فأهملوا الدواء المادي وزهدوا الناس فيه وتزيدوا في جانب المأثور حتى خرجوا عنه واتخذوا لهم من ذلك حرفة ومورداً لمعاش ونسوا أنواع أشفية القرآن الروحية والإجتماعية التي هي المقصودة بالقصد الأول من تنزيله، مقتصرين على الوجه الذي وجدوا منه سبيلاً إلى الإسترزاق على ما أحدثوا فيه وما ابتدعوا. فعكسوا الأمر وخالفوا السنة ووقعوا في المحظور من عدة وجوه. هذان الطرفان مذمومان. والعدل هو الوسط الذي لا يهمل هذا ولا ذاك ويقف في الوارد عندما ورد ويتناوله على ما ورد.
[تطبيق]
نزول الآيات في الكافرين لا يمنع من تطبيقها على من شاركهم في مثل الحال الذي أنكرته عليهم من المؤمنين لأن الوصف المذموم سواء أكان المتصف به مؤمنا أم كان كافراً. فالذين تتلى عليهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتوضح لهم الدلائل الشرعية وهم عنها معرضون وعن تدبرها غافلون وبها متهاونون- يزدادون بكل مرة إثما بإعراضهم وغفلتهم وتهاونهم فيخسرون بقدر ما بقوتهم من الهداية على حسب حالهم، وإذا لم يكن خسارهم كخسار الكافرين فهو كخسار المعرضين الغافلين المتهاونين، وكفى به خساراً يتنزه عنه المؤمنون ويأباه الراشدون.
[سلوك]
نتناول القرآن العظيم دواء من عند ربنا شفاء لأمراض عقولنا، وأمراض نفوسنا، وأمراض مجتمعنا، فنتطلب ذلك منه بتدبر آياته