للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يحتاجون إليه لحفظها، وهاديهم لاستعمال ما منَّ به عليهم فيما ينفعهم، {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، وأصله من ربه يربه ربا، إذا قام على إنشائه وتعاهده في جميع أطواره إلى التمام والكمال. ولفظه المصدر ولكن معنى اسم الفاعل كالعدل يراد به العادل.

ومَالِكِ النَّاسِ: هو الذي يملك أمر موتهم وحياتهم، وبشرع لهم من الدين ومن الأحكام ما يوافق حياتهم الدنيوية والأخروية.

وإِلَهِ النَّاسِ: هو الذي يدينون له بالعبادة والعبودية.

وبلاغة الترتيب إنما تظهر جلية عند استعراض أطوار الوجود الإنساني، فالأول: طور التربية والإعداد، وهما من مظاهر الربوبية، والثانى: طور القوّة والتدبير، وهما من مظاهر الملك، والثالث: طور الكمال والقيام بوظائف العبودية، وهو من مظاهر الألوهية.

والمستعاذ منه تارة يوسوس للإنسان بما يفسد عليه صلته بربه، وتارة بما يفسد عليه تدبيره وما شرع له لمنفعته وصلاحه. وتارة بما يفسد عليه عبوديته له وهي أشرف علائقه به وأقوى صلاته، وجماع ذلك أن يبعده عن الله بالوسوسة بواحدة من هذه أو بكلها أو بما يتفرع عنها مما تضمنته الآيات المبينة لأفعال أصل هذه القوّة الموسوسة مثل قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} (١) أو لذلك الشأن الجاري مجرى الحوار بين إبليس وخالقه كقوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}. وكقوله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ


(١) ٢/ ٢٦٧ البقرة.
(٢) ٣٨/ ٨٢ ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>