عند القليل- مكانها إذا تراكمت السحب، وهزم الرعد وكاد البرق يخطف الأبصار فلا عجب أن تخفى حقيقة هذه الجمعية في بعض الأحيان على بعض الناس عندما أظلم الجو بسحب الباطل والتجأت طوائف من الناس إلى تبادل رعود الوعيد وبروق الوعود. وإذ كنا في فترة من الزمن هي على هذه الحال فأرى من الواجب أن أحدثكم عن غاية الجمعية ودعوتها وإن كنتم بها جد عالمين ليعلمها من كان بها جاهلا ويقمع من كان عليها من الكاذبين.
[غاية الجمعية]
أرأيتم- أيها الأخوان- الزرع كيف ينبت ويخضر ويورق ويسنبل فيؤتي أكله، وقد تصيبه آفة وهو حب في الأرض فلا ينبت، وقد تصيبه وقد نبت فلا يورق ولا يسنبل وقد تصيبه وقد سنبل فلا تجنى منه حبة! والناس كالنبت معرضون في حياتهم إلى عدة آفات، يكادون لا يسلمون منها، فمنها ما يصيب العقول، ومنها ما يصيب الأبدان، ومنها ما يصيب الأموال، ومنها ما يعم ذلك كله، ولا يسلم المجتمع البشري إلا بمحاربة هذه الآفات كلها- وذلك نص الفصل الرابع من قانونها الأساسي الذي يقول:"القصد من هذه الجمعية هو محاربة الآفات الاجتماعية كالخمر والميسر والبطالة والفجور، فكل ما يفسد على الناس عقولهم أو يضيع عليهم أموالهم فهو من الآفات. ولهذا حاربت الجهل والجمود والدجل والخرافة وكل أنواع الأباطيل، وحاربت كل واقف في طريق التعلم والتعليم أي نوع من أنواع التعلم والتعليم، وحاربت "الزردات والوعدات والفدوات" وبدعة المآتم ومنكرات الولائم وكل وجوه السرف وأكل أموال الناس بالباطل، وحاربت أثرة ذوي المال بما جعلهم الله مستخلفين فيه، وقعودهم عن تأسيس المشاريع الاقتصادية وقبض أيديهم عن المشاريع العلمية والخيرية لأن ذلك من أسباب البطالة والفجور.