مهدئا بعد ما كان متأثرأ هائجا ووقفنا في الطريق العام نفرق الجموع ونطلب منهم أن يذهب كل واحد إلى محله وأن يعلم غيره بما دعوناهم إليه من لزوم الهدوء، وما تفرق الناس حتى أقسمت لهم أنني لا أذهب حتى يذهبوا. وكنا عند الخروج من الجامع قد جاءنا خبر صحيح بجرح ولث صغير مكفول لاحد الناس فاستطعنا- باذن أدثه- ان نقف الخبر عن الانتشار وأن نهدىء من بلغه الخبر وكافل ذلك الصغير.
تفرق الناس وخلت منهم الطرقات ونزل الهدوء التام وباتت البلدة في أمن وأمان وسهرت أنا والدكتور جلول وبعض النواب إلى منتصف الليل نتجول في بعض الشوارع فشاهدنا بأنفسنا هدوءاً شاملا للبلدة كلها.
[استنتاجات من حوادث يوم السبت وليلة الأحد]
في قول من قال قبل الشروع في الخطبة "أن اليهود مازالوا يحملون السلاح لقتلنا، وقد ضربوا وجرحوا في هذا المساء منا"، دليل على ما كان لبقاء السلاح عند اليهود من الأثر السيء في إدخال الروع في القلوب مما يقوي في النفس غريزة الدفاع عن الحياة، وعلى ما كان من عود اليهود إلى الضرب الذي فرغ ما عند المسلمين من الصبر عليه.
وفي هدوء المسلمين بعد ما سمعوا مني ومن الدكتور جلول دليل على انقيادهم لمن يكون محل ثقتهم وتمسكهم بأسباب العافية حتى في أحرج الأوقات. وكانت ليلة الأحد بتمامها أصدق دليل وأقواه على ذلك.
[يوم الأحد ٥ أوت]
أصبح الناس يوم الأحد على أحسن حال لا فرق بينه وبين سائر