إن مسؤولية العلماء عند الله فيما أصاب المسلمين في دينهم لعظيمة، وأن حسابهم على ذلك لشديد طويل، ذلك بما كتموا من دين الله، وبما خافوا في نصرة الحق سواه، وبما حافظوا على منزلتهم عند العامة وسادة العامَّة، ولم يحافظوا على درجاتهم عنده، وبما شحوا ببذل القليل من دنياهم في ما يرضيه، وبما بذلوا وأسرفوا في الكثير من دينهم فيما يغضبه، اللهم إلا نفرا منهم بينوا وما كتموا، ونصحوا لله ولرسوله ولكتابه ولعامة المسلمين وخاصتهم فقامت بهم حجة الله، وتداولت بهم أجيال المسلمين إرث النبوة، واتصل بهم سند الحق وانفضحت بهم شبهة الباطل، أولئك هم الطائفة التي لن تزل ظاهرة على الحق لا يضر بها من خذلها حتى تقوم الساعة.
وإنَّا راجعنا تاريخ المسلمين في سعادتهم وشقائهم وارتفاعهم وانحطاطهم وجدنا ذلك يرتبط ارتباطا متينا بقيام العلماء بواجبهم أو قعودهم عما فرضه الله وأخذ به الميثاق عليهم. ولهذا فنحن ندعو العلماء كلهم إلى أن يذكروا هذا الميثاق وأن لا ينبذوه وراء ظهورهم، وأن يبادر كل ساكت وقاعد إلى التوبة والإصلاح والبيان، فقد علموا قول الله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ