للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من خان قوما فليس منهم]

ضربت الجيوش المحمدية نطاق الحصار على بني قريظة بعدما كانت نقضت عهدها يوم الأحزاب ورأت قريظة أنها مأخوذة وأنه نازلبها من الله عقاب الخائنين.

بعثوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر الأوسي، وقد كانوا حلفاء الأوس ليستشيروه في أمرهم فلما جاءهم أبو لبابة قام إليه الرجال وجهِش إليه النساء والصبيان بالبُكاء وكانت عليهم منه رقة وبعث مشهدهم في قلبه رحمة أنسته ما كان منهم من خيانة لعهد رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- والمسلمين، ومؤازرة العدو عليهم حتى أحيط بالمسلمين من فوقهم ومن أسفل منهم وحتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.

استشار بنو قريظة أبا لبابة في النزول من حصنهم على حكم محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال لهم نعم. وعلم أنهم استحقوا بخيانتهم القتل وأنهم مقتولون فأشار لهم بيده إلى حلقه إشارة فهموا منها أنهم يذبحون.

قال أبو لبابة: "فوالله مازالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله" وذهب على وجهه وقد عرف عظم الجرم الذي ارتكب فذهب إلى المسجد النبوي وربط نفسه بسلسلة إلى عمود من عمده وأقسم لا يبرح كذلك حتى يتوب الله عليه وأقام على ذلك لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى يخر مغشياً عليه، وكانت تأتيه زوجته أو ابنته فتحله إذا حضرت الصلاة ثم يعود.

مضت عليه بضع عشرة ليلة أو سبعة أيام ورسول الله- صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>