للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع كثير منهم في أواخر أيامهم إلى عقائد القرآن، وأدلة القرآن، فشفوا بعد ما كادوا، كإمام الحرمين والفخر الرازي. وقلوبنا معرضة لران المعصية الذي تظلم منه القلوب وتقسوا حتى تحجب عنها الحقائق وتنطمس أمامها سبل العرفان. فالذي يجلو عنها ذلك الران ويزيل منها تلك القسوة ويكشف لها حقائق العلم ويوضح لها سبل المعرفة هو القرآن العظيم. فقراؤه المتفقهون فيه قلوبهم نيرة مستعدة لتلقي العلوم والمعارف، مستعدة لسماع الحق وقبوله، لها من نور القرآن فرقان تفرق به بين الحق والباطل وتميز به بين الهدى والضلال، وقلوبنا معرضة للضعف عن القيام بأعباء التكليف وما نحن مطالبون به من الأعمال والذي يجدد لنا فيها القوة ويبعث فيها الهمة هو القرآن العظيم فحاجتنا إلى تجديد تلاوته وتدبره أكيدة جدا لتقوية قلوبنا باليقين، وبالعلم، وبالهمة والنشاط للقيام بالعمل.

[شرح الحكمة الثانية]

من محاسن هذه الشريعة المطهرة أنها نزلت بالتدريج المناسب كما كان في تحريم الخمر وكما كان في العدد المفروض عليه الثبات للعدو في آيات الأنفال وكما كان في مشروعية قيام الليل في آيات سورة المزمل وما كان ليكون هذا التدريج بغير تفريق الآيات في التنزيل. ومن محاسنها نسخ المحكم عند انتهاء المصلحة التي اقتضت تشريعه وانقضاء زمنها لحكم آخر أنسب منه للبقاء في الأزمان كما كان في آيتي المتوفى عنها في سورة البقرة وما كان ذلك ليتأتى إلا بتفريق الآيات في الإنزال. وكانت الوقائع تقع والحوادث تحدث والشبه تعرض والإعتراضات ترد فكانت الآيات تنزل بما تتطلبه تلك الوقائع من بيان وما تقتضيه تلك الحوادث من أحكام وما تستدعيه تلك الشبه من رد وتلك الإعتراضات من إبطال إلى غير ما ذكرنا من مقتضيات نزول الآيات المعروفة بأسباب النزول وفي بيان الواقعة عند وقوعها

<<  <  ج: ص:  >  >>