للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٣ -

يلاحظ المستشرق الفرنسي ماسينيون على الإتجاه الفكري في المغرب الإسلامي أنه مصطبغ بالصبغة العملية وأن الناحية العقيدية محتفظة بصلابتها الموروثة عن صدر الإسلام (١) وأن أصحابه من أنصار الخوارج وأتباع مذهب الإمام مالك، كما وصف المغاربة من الناحية العقلية بأنهم ذوو عزيمة وجدٍّ، وهو يحاول بهذا أن يجعلهم أقرب ما يكونون إلى الأوروبيين يقول: "إن لمسلمي المغرب عقولاً عملية من الطراز الأوروبي" (٢) ويجعل ذلك سبباً في عدم وجود شخصيات بارزة كثيرة على حد تعبيره أو رجالات نابغة كالذين نجدهم في المشرق، وهو بذلك يجعل فوارق بين مسلمي المغرب ومسلمي المشرق فيقول: "وإذا قارنا هذه البيئة الإجتماعية الإسلامية في المغرب، بنظيرتها في المشرق وجدنا فوارق ليست ظاهرية فحسب ولكنها تتغلغل في الصميم" (٣)، وهو بهذا يحاول أن يفرق أبناء مجتمع واحد واتجاه عقيدي واحد كما يحلو له أن يفعل ذلك في كل مناسبة، ولكن نجد للمستشرق ملاحظة دقيقة وصحيحة في آن واحد، وهي أنه يسود الشعورَ الإسلامي- في الجزائر بصفة خاصة- عاطفة غريبة جداًّ، وهي طموح المسلمين لأن يدخلوا الإسلام ويشقوا له طريقاً في عقول الفرنسيين وأرواحهم أنفسهم.

ويضيف إلى ذلك ملاحظة أخرى تشير إلى أن في الجزائر كُتّاباً مسلمين يجيدون الفرنسية أيما إجادة، ويستخدمونها في بث الدعاية في فرنسا (٤)


(١) وجهة الإسلام ص ٥٧.
(٢) المصدر نفسه ن. ص.
(٣) ن. م. ن. ص.
(٤) ربما يشير بهذا إلى الأستاذ مالك بن نبي وجماعة أخرى معه خصوصاً كتابه "الظاهرة القرآنية" الذي ألفه بالفرنسية ثم ترجم فيما بعد إلى العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>