تزاحم الرجل في وظيفته فأضرت بالقسم الداخلي من الحياة بإهماله واضطرابه وأضرت بالقسم الخارجي بمزاحمة الرجل وزحزحة قسم كبير منه عن العمل وتعريضه للفتن، والأمم الغربية اليوم تشكو مر الشكوى من تفكك نظام الاسرة وانحلال رباط الأخلاق الزوجية وبعضها عاجز عن تدارك أمره بما فيه من فوضى الآراء وتشعب الأهواء وتأصل الداء، وبعضها قد أخذ يعالج الحالة بما فرضه على العزابة من ضريبة مالية وما جعله من مكافآت المتزوجين والمتزوجات.
[الإرشاد النبوي]
فأراد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يعرفنا بهذا الضعف في جنس المرأة حتى لا نعدو بها ما خلقت له من وظيفة القسم الداخلي من الحياة فنظلمها ونظلم الحياة، وأراد أن يدلنا على ضعفها بدليل تاريخي مشاهد للأجيال، فذكر لنا تخلفها عن الرجل في بلوغ ذروة الكمال، فأخبرنا أنه قد كمل في الأمم الماضية من الرجال كثير وما كمل منهم من النساء غير امرأتين. وذكر فضل عائشة على نساء وقتها كفضل الثريد على الطعام من أطعمة العرب ليجمع بين الحديث على الأمم الماضية وأمته ويدل على استمرار الكمال في النساء مثل استمراره في الرجال كل بما قدر ويسر له.
[إلى أي درجات الكمال بلغتا]
قد بينت درجات الكمال في قوله تعالى:{فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} وقد ذهب بعض الناس إلى أن كمال مريم وآسية ببلوغهما درجة النبوة، وذهب الأكثرون إلى أنهما لم تبلغا إليها وإنما بلغتا ما دونها من رتبة الصديقية، واستدلوا بما تقتضيه