للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وآله وسلم- يراه فيقول لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه.

ففي سحر ليلة نزلت على رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- توبة الله التواب الرحيم على أبي لبابة وهو في بيت أم سلمة- رضي الله عنها- فبشر بالتوبة وثار الناس إليه ليطلقوه فأبى حتى يطلقه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- بيده فلما مر به رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- عند خروجه لصلاة الصبح أطلقه.

فرح أبو لبابة بتوبة الله عليه وجعل من توبته أن عاهد الله أن لا يطأ أرض بني قريظة أبدا- وكانت له بها أموال- وأن لا يرى في بلد خان فيه الله ورسوله، وقال لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن من توبتي أن أهجر الدار التي أصبت فيها الذنب وأن انخلع من مالي، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يجزئك الثلث يا أبا لبالة.

[العبرة]

إشارة خفيفة لقوم مغلوبين فيها بيان ما يقصد بهم، عدها هذا الصحابي البدري النقيب الجليل في هذه المنزلة من الخيانة حتى فزع لها هذا الفزع وخاف منها هذا الخوف وما اطمأن حتى تحقق توبة الله عليه فشكر ذلك بهجران موطن الخيانة وتصدق بثلث ماله، ذلك لاأنها خيانة في أمر عام وفي موقف حربي بين المسلمين وعدوهم وأعظم الخيانة ما كان في مثل ذلك وكان أبا لبابة رأى نفسه بتلك الخيانة للمسلمين لم يبق كواحد منهم فربط نفسه منفرداً عنهم حتى يطهر بالتوبة وفي الحق أن من خان قوماً فليس منهم بل هو شر عليهم من أعدائهم. فرضي الله عن أبي لبابة عدد سخطه ومقته للخائنين (٩).


(١) ش: ج ٩، م ١١، ص ٤٩٩ - ٥٠٠ غرة رمضان ١٣٥٤ه - ديسمبر ١٩٣٥م.

<<  <  ج: ص:  >  >>