إن الحاجة إلى إرشاد الله وتوفيقه دائمة متجددة، فكل عمل من أعمال الإنسان، وكل حال من أحواله هو محتاج فيه إلى هداية الله ودلالته ليعرف ما يرضاه الله منه مما لا يرضاه، وهو محتاج فيه إلى توفيق الله وتيسيره ليقوم بما يرضاه منه وشرعه له ودله عليه، ولن يزال العبد- غير المعصومين - صلى الله عليه وسلم - تغشاه ظلمات الشبهات والشهوات فيحتاج إلى دلالة الله وتوفيقه ليخرج منها إلى نور الإيمان والإستقامة. فالعبد المحتاج دئماً إلى الرجوع إلى كتاب الله وما ثبت من سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ليهتدي إلى ما يرضي الله مما شرعه له من أحواله وأفعاله، وإلى ما يدفع عنه شبهاته وينقذه من شهواته ومحتاج إلى التوسل بذلك الرجوع إليهما وذلك الإتباع لهما إلى الله- تعالى- ليفتح له أبواب المعرفة ويمد له أسباب التوفيق. وهذا هو القصد من صيغة المضارع المفيدة للتجدد في قوله تعالى:{يَهْدِي} و {يُخْرِجُهُمْ} و {يَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
جعلنا الله من المتبعين لرضوانه، الرجاعين لكتابه وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الفائزين منهما بالهداية، لخير غاية، بإذنه وفضله، بيده الخير وهو على كل شيء قدير (١).
(١) ش: ج ٣، م ١١، ص ١٣٥ - ١٤٤ - ربيع الأول ١٣٥٤هـ جوان ١٩٣٥م.