يقرر الإسلام بطلان سائر الملل وأن لا دين عند الله إلا الإسلام. ويعرض ذلك في بيان من الاحتجاج والاستدلال على ما انبنى عليه الإسلام من الحق وما جاء به للبشرية من الخير، وعلى ما انبنت عليه الملل الأخرى من الباطل أو ما أدخل عليها منه وما أصيبت به كتبها من الضياع والتحريف حتى يكون المسلم على بينة ويقين فيما أخذ من حق وما رد من باطل، وحتى يمتليء قلبه بمحبة الإسلام والاطمئنان إليه، وبالكره لغيره والنفرة منه، فهو يكره أن يعود إلى الكفر بعد الإسلام كما يكره أن يقذف في النار.
ومن شأن البشر أنهم إذا كرهوا الشيء كرهوا أهله والمنتمين إليه، ودفعهم ذلك الكره إلى مدِّ يد العدوان إلى ذلك الشيء المكروه وأهله، فأوقعوا به وبهم أنواع الأذى والظلم، وإذا لم يستطيعوا مد أيديهم لذلك بقيت صدورهم تتأجج بنيران الحقد والبغضاء وصارت أفواههم فوهات لتلك البراكين تقذف بالحمم والنيران، بالشتيمة والاستنقاص، وما يؤرج تلك الضغائن والأحقاد.
هذا هو حال البشر إذا تركوا سجيتهم الحيوانية دون أن يبصَّروا بسنن الله في الخلق وحكمته في أخلاقهم وحكمه العادل بما لكل منهم من الحق في الحياة على ما اختار لنفسه من دين.
وهكذا مضت الأحقاب على البشرية ورؤساء كل ملة يذكون تلك السجية الحيوانية في الإنسان ويوقعون بين أفراده وأممه بسبب ذلك