للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ- من الكتاب- وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (١) وأما هنا فلا يصح حمله على التكثير المفيد للتدريج لئلا يناقض قولهم جملة واحدة، فيكون من التضعيف المرادف للهمزة. وعندي أن {نزَّل} المضاعف يرد لكثرة الفعل ولقوته، فجاء لكثرته في آية آل عمران المتقدمة، وجاء لقوته في هذه الآية، لأن إنزال الجملة مرة واحدة أقوى من إنزال كل جزء من الأجزاء بمفرده. (كَذَلِكَ): الإشارة للإنزال المفرق المفهوم من قولهم {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً} لأنه في معنى: لمه نزل عليه جملة ولم ينزل عليه مفرقا. (التثبيت): ثبات الشيء إقامته ورسوخه دون اضطراب وذلك من قوته، كما أن اضطراب المضطرب من ضعفه، فتفسير تثبيت الفؤاد هنا بتقويته تفسير يلازم معناه، على أنه مراد منه أيضاً أصل المعنى، وهو السكون وعدم الإضطراب. فتثبيته- إذاً- هو تسكينه وتقويته. (الترتيل): مادة رتل كلها ترجع إلى تناسق الشيء وحسن تنضيده، منه ثغر رتل- بالتحريك- أي مفلج بين الأسنان فرج لا يركب بعضها بعضاً، وترتيل القرآن في التلاوة هو القاء حروفه حرفاً حرفاً وكلماته كلمة كلمة وآياته آية آية على تؤدة ومهل حتى يتبين للقارىء وللسامع، ولا يخفى عليه منه شيء، وأما ترتيله في نزوله وهو المراد هنا فإنه (٢) إنزاله آية وآيتين وآيات مفرقاً نجوماً على حسب الوقائع.

[التراكيب]

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وصل لأنه قيل من أقوالهم فعطف على ما تقدم من مثله {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ} الأصل أنزلناه كذلك


(١) ٣/ ٣ آل عمران.
(٢) كذا في الاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>