للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعبد سواه، ذكر وحدانيته في الربوبية بانفراده بالخلق والملك والتصرف والتدبر لهذا المخلوق العظيم، ونبه به على ما دونه من المخلوقات، ولما كان الحديث على عظمة ملك العباد ملك النبوة وغيره ذكر عظمة ملك الله التي تصغر ازاءها كل عظمة.

[بيان مراد]

قد يتماثلان (١) اللفظان ولكن يجب أن يعبر كل واحد بمعنى لائق بالمقام الذي قيل فيه فلقد جاء في حق سليمان- عليه السلام- {وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ووصف الهدهد بلقيس بأنها أوتيت من كل شيء، ولما كان المتحدث عنه أولا هو سليمان فكل شيء يعم ما يحتاج اليه من أمر النبوة وملك النبوة.

كما انه قد قال عنها: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} وقال عن الله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}. فعرش بلقيس عظيم بين عروش الملوك، وعرش الله عظمته أعظم من السموات والارض. وهكذا لا بد من اعتبار المقام في فهم الكلام.

[العبرة والقدوة]

قد ألهم الله الحيوانات إلى ما قد يخفي عن بعض العقلاء، ومضى منا كلام عن هذا فيما تقدم من هذه الآيات الكريمة، وهذا الهدهد بين الهداهد فلهم إلْهام خاصٌ يقتضيه تخصيصه بهذا الموقف واتصاله بسليمان- عليه السلام-، وزمن الانبياء زمن خرق العوائد وظهور الآيات، وقد كان في حسن بيانه وترتيب أخباره وبديع تهديه عبارة بالغة لأولي الألباب، فقد تحصن بالعلم ونـ ره (٢) بالنبأ المتيقن وفصل


(١) كذا في الأصل وصوابه: يتماثل.
(٢) كذا في الأصل، ولعل: ونبأه.

<<  <  ج: ص:  >  >>