للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلية لا خفاء بها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء " (١) فكانت مشاهدة معينة كما أشير إليها في الآية إشارة المعاين المشاهد.

كان يدعو إلى دين الله ويبين هو ذلك الدين وبمثله يدعو إلى عبادة الله وتوحيده وطاعته، ويشاهد الناس تلك العبادة والتوحيد والطاعة فكان - صلى الله عليه وسلم - كله دعوة إلى الله. فما دعا إلى نفسه، فقد مات ودرعه مرهونة في دَيْن، وما دعا إلى قومه، فقد كان يقول: "لا فضل لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله". كان يدعو الناس كلهم، إذ هو رسول الله إلى الناس كلهم فكتب الكتب وأرسل الرسل فبلغت دعوته إلى الأمم وملوك الأمم. كان يدعو الكافرين كما يدعو المؤمنين، يدعو أولئك إلى الدخول في دين الله، ويدعو هؤلاء إلى القيام بدين الله، فلم ينقطع عن الإنذار والتبشير، والوعظ والتذكير.

كان يدعو إلى الله على بينة وحجة يحصل بها الإدراك التام للعقل حتى يصير الأمر المدرك واضحاً لديه كوضوح الأمر المشاهد بالصبر فهو على بينة ويقين من كل ما يقول ويفعل، وفي كل ما يدعو من وجوه الدعوة إلى الله في حياته كلها وفي جميع أحواله. وكانت دعوته المبنية على الحجة والبرهان مشتملة على الحجة والبرهان، فكان يستشهد بالعقل ويعتقد بالعلم ويستنصر بالوجدان ويحتج بأيام الله في الأمم الخالية وما استفاض من أخبارها وبقي من آثارها من أنباء الأولين وما يمر الناس عليه مصبحين وبالليل.

على كل مسلم أن يكون داعياً إلى الله:

لقد كان في بيان أن الدعوة إلى الله هي سبيل محمد - صلى الله


(١) رواه ابن ماجة عن طريق ابي الدرداء - رضي الله عنه - بسند موثق وفيه ابن سميع قال فيه ابن عدي: حسن الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>