للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تمثيل واستدلال]

جاء في الصحيح من طرق مجموع ألفاظها ان رهطا من إليهود دخلوا

على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقالوا: السام عليكم (والسام الموت) ففهمتها عائشة- رضي الله عنها- فقالت: عليكم السام واللعنة وغضب الله عليكم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مهلا يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش، إن الله يحب الرفق في الأمور كلها. فقالت عائشة: أولم تسمع ما قالوا؟ فقال لها: أولم تسمعي ما قلت رددت عليهم. قد قلت ((وعليكم)) فيستجاب لي فيهم ((لأنه دعاء بحق)) ولا يستجاب لهم في ((لأنه دعاء بباطل وظلم)). فقد خاطبه هؤلاء الجاهلون بالسوء فقال لهم كلمة سالمة من القبح ليس فيها لفظ الإذاية وهو السام بعيدة عن الايحاش خالصة للرفق، فهي من القول السلام، أي ذي السلام من مقتضى الآية على الوجه الأولى من وجهيها، ففي الحديث مثال لقول السلام في خطاب الجاهل ودليل على عموم الحكم وأحكامه.

[سؤال وجوابه]

على الوجه الثاني في الآية، وهو أنه يقول للجاهل سلاما، يقال هل يسلم عليه إذا كان كافراً، فيقال نعم كما قال إبراهيم لأبيه {سَلَامٌ عَلَيْكَ} وقد قال الله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} (١) ولم يستثن إلا قوله لأبيه: {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} نعم هو سلام موادعة ومتاركة لا سلام تحية وكرامة.


(٢) ١٤/ ٦٠ الممتحنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>