للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طلب الآخرة وحدها مذموم فى الإسلام]

غلو الصوفية بجعل الكمال عدم طلب الدنيا والآخرة.

ــ

كنا بيَّنَّا نحن وغيرنا على صفحات هذه المجلة أن العبادة الشرعية موضوعة على الرجاء والخوف وأن الطمع في فضل الله لا ينافي إخلاص العبادة له، وذكرنا الأدلة الكثيرة على ذلك من الكتاب والسنة وكانت أدلة ثابتة صريحة غير قابلة للتأويل وبينا بها أن من زعم أن العبادة تتجرد عن الرجاء والخوف، فقد زعم باطلاً وأنه لا يجد آية واحدة ولا حديثا صحيحا واحدا يستدل به على دعواه فالعبادة المتجردة عن الرَّجاء والخوف ليست العبادة التي جاء لها الإسلام.

ثم لما اطلع أخونا في الله شيخ الإسلام الأستاذ محمد رشيد رضا على ما دار في المسألة بيننا وبين خصومنا كاتبنا بموافقته على ما قلنا وذكر لنا ما كان كتبه هو في المسألة في الجزء الثاني من تفسير المنار الشهير وها نحن ننقل ما كتبه الأستاذ في المسألة عند تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} الآية، إفادة لقرائنا شاكرين لفضيلته عنايته وتنبيهه.

قال أحسن الله جزاءه:

"وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّقْسِيمِ مَنْ لَا يَطْلُبُ إِلَّا حَسَنَةَ الْآخِرَةِ ; لِأَنَّ التَّقْسِيمَ لِبَيَانِ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ بِحَسَبِ دَاعِي الْجِبِلَّةِ وَتَأْثِيرِ التَّرْبِيَةِ وَهَدْيِ الدِّينِ، وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الْبَشَرِ مَنْ لَا تَتَوَجَّهُ نَفْسُهُ إِلَى حُسْنِ الْحَالِ فِي الدُّنْيَا مَهْمَا يَكُنْ غَالِبًا فِي الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ ; لِأَنَّ الْإِحْسَاسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>