لها باسمها وتسميته لها بغير اسمها، والعبرة بتسمية الشرع التي عرفناها من الحديثين المتقدمين لا بتسميته.
[من دعا شيئا فقد اتخذه إلها]
لما ثبت أن الدعاء عبادة فالدَّاعي عابد والمدعو معبود والمعبود إله، فمن دعا شيئا فقد اتخده إلهه لأنه فعل له ما لا يفعل إلا للاله، فهو وإن لم يسمه إلها بقوله فقد سماه بفعله. ألا ترى إلى أهل الكتاب لما اتبعوا أحبارهم ورهبانهم في التحليل والتحريم- وهما لا يكونان إلا من الرب الحق العالم بالمصالح- قال الله تعالى فيهم:({اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (١). وإن كانوا لا يسمونهم أربابا فحكم عليهم بفعلهم ولم يعتبر منهم عدم التسمية لهم أربابا بألسنتهم). فكذلك يقال فيمن دعا شيئا أنه اتخذه إلهاً نظرا لفعله وهو دعاؤه، ولا عبرة بعدم تسميته له إلها بلسانه. وفي حديث عدي بن حاتم الذي رواه الترمذي وغيره أنه قال للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- لما سمعه يقرأ هذه الآية، إنهم لم يكونوا يعبدونهم، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: أليس كانوا إذا حرموا عليهم شيئا حرموه وإذا أحلوا لهم شيئا أحلوه! قال: قلت: نعم، فتلك عبادتهم إياهم. قال الإمام الجصَّاص: ولما كان التحليل والتحريم لا يجوز إلا من جهة العالم بالمصالح ثم قلد هؤلاء أحبارهم ورهبانهم في التحليل والتحريم وقبلوه منهم وتركوا أمر الله تعالى فيما حرم وحلل صاروا متخذين لهم أربابا إذ نزولهم في قبول ذلك منهم منزلة الأرباب اهـ وعلى وزانه نقول: لما كان الدعاء عبادة والعبادة لا تكون إلا للاله كان الداعي لشيء من المخلوقات متخذا اياه إلهاً لما نزله