أصل الكلام: أحصينا كل شيء أحصيناه، فحذف أحصينا الأول لدلالة الثاني، فكان هذا أقوى في ثبوت الاحصاء ووقوعه على كل شيء.
[المعنى]
يعلم الله عباده بأنه حصل كل شيء من ذوات وأقوال وأفعال وجميع ما كان في العالم وما يكون، وأثبته فرداً فرداً في كتاب إمام معتمد مظهر للأشياء التي فيه فهي فيه ثابتة ظاهرة جلية.
[إعتبار]
قد أحاط الله بكل شيء علما فهو غني بعلمه عن هذه الكتابة، ولكنه جعل هذا الكتاب اظهارا لعظمة ملكه وليعلم عباده الضبط والاحصاء في جميع أمورهم وليبالغوا في محاسبة أنفسهم وليعلموا أن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطاهم لم يكن ليصيبهم. فيزول من قلوبهم الخوف من الحوادث والمخلوقات وتعظم ثقتهم بالله وفي ذلك أعظم قوة في هذه الحياة وأكبر راحة للقلب من صروفها.
نسأل الله أن يقوي قلوبنا بالإيمان، وأن يريحنا باليقين، وان يعيذنا من الخوف إلاَّ منه، ومن الخضوع إلاَّ له. آمين يا رب العالين (١).
...
(١) ش: ج ٦، م ١٠، ص ٢٤٤ - ٢٥٠ غرة صفر ١٣٥٣هـ - ماي ١٩٣٤م.