للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: يارسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قال يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء. وأنا فرطهم على الحوض. فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال. أناديهم ألا هلم ألا هلم ألا هلم: فيقال إنهم قد بدلوا بعدك؟ فأقول: فسحقا فسحقا فسحقا».

[تعليق]

قد أتينا هذه المرة بحديث فيه طول. ولكن ما فيه من الفوائد نعتقد أنه يكون حافزا للقارىء إلى حفظه. وليس حفظ الحديث الجليل بكثير على همة المستفيدين.

وفوائد هذا الحديث أولاها: جواز زيارة القبور، غير أن الجواز مقيد بكونها على الصفة التي وقعت من رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ومن أصحابه- رضوان الله عليهم-. وصفة الزيارة في هذا الحديث مركبة من ثلاثة أشياء: أحدها حق الدعاء للموتى، ثانيها الاعتبار بحالهم، ثالثها دعاء الزائر لنفسه بحسن الخاتمة. الأول مستفاد من جملة السلام عليكم. والثاني مستفاد من جملة وإنا بكم لاحقون. والثالث مستفاد من جملة إن شاء الله. فقد قال أبو القاسم الجوهري معناه: " لا نبدل ولا نغير، نموت على ما متم عليه إن شاء الله تعالى" نقله الباجي في شرح الموطأ.

الفائدة الثانية: تسميته- صلى الله عليه وآله وسلم- لمن لم يره من أمته بإخوانه. فنحن من أخوانه- صلى الله عليه وآله وسلم- وكفى بهذه النسبة شرفا. فما على المسلم إلا أن يعمل بسنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم- حتى تتحقق فيه هذه النسبة. وليس من الأدب ومن الإيمان أن يستضعف المسلم هذه النسبة ويحاول

<<  <  ج: ص:  >  >>