للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى]

ومن يأت هذه الأفعال فدعا مع الله إلها آخر أو قتل النفس التي حرم الله بغير حق أو زنى فإنه يلقى وينال جزاء معصيته في دنياه وجزاءها في أخراه ويكون عذابه عليها في الآخرة مضاعفا مزيدا عليه أنواع ويستمر فيه باقيا مذللا محقرا.

[توجيه]

إنما ضوعف لأهل هذه الكبائر العذاب، لأن كل كبيرة منها مضاعفة المفاسد والشرور ففي دعاء غير الله الجهل بالله والكفر بنعمة الله والإبطال لحق الله، وفي قتل النفس تأييم وتيتيم وتأليم لغير من قتل وفتح لباب شر بين أولياء القاتل والمقتول وتعد على جميع النوع وتهوين لهذا الجرم الكبير، وفي الزنى جناية على النسل المقطوع وعلى من ادخل عليهم من الزنى من ليس منهم، وعلى أصحاب الارث في خروج حقهم لغيرهم وغير ما ذكرنا في جميعها كثير، فكانت المضاعفة من باب جعل الجزاء من جنس العمل وهو من مقتضى الحكمة والعدل.

[تذكير]

يذكرنا القرآن بمضاعفة العذاب على كبائر الأثام لنذكر عندما تحدثنا أنفسنا بالمعصية سوء عاقبتها وتعدد شرورها وتشعب مفاسدها ومضاعفة العذاب بحسب ذلك عليها لنزدجر وننكف فنسلم من الشر المتراكم والعذاب المضاعف ونفوز بأجر التذكر وثمرة التذكير.

جعلنا الله والمسلمين ممن انتفع بالذكرى وسلم من فتن الدنيا والأخرى بمنه وكرمه آمين (١).


(١) ش: ج١١، م٨، ص ٥٥٢ - ٥٦٤
غرة رجب ١٣٥١ - نوفمبر ١٩٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>