ولم يستطع ان يواجهه بما في هذا الحديث من الموعظة خوف أن يبطش به فتثور من أجل قتله أو إذايته ثائرة بالبصرة تؤدي إلى سفك دماء المسلمين دون ان تكف ابن زياد عن ظلمه فاتقاء لهذا لم يواجهه بالموعظة حتى جاء عبيد الله لعيادته وقد علم معقل أنه في مرض موته فاغتنم الفرصة وجابهه بالموعظة لما خلصت للمصلحة وأمن المفسدة.
[ما الراعي وما الرعية]
الرعاية: حفظ الشيء وتفقد أحواله واعطاؤه ما يحتاج اليه وصرفه عما يؤذيه وما لا فائدة له فيه ووقايته مما يعدو عليه، وكل من جعل الله تحت يده شيئا من مخلوقاته فقد استرعاه ذلك الشيء أي: جعله في رعايته وطالبه وكلفه بأن يرعاه، فصار مسؤولا عنه عند الله، وما من بالغ عافل ذكرا أو انثى إلا وقد جعل الله شيئا في رعايته ولو لم يكن من ذلك إلا نفسه وعقله وبدنه، وأعظم بهما من شيء تجب رعايته. وهذا معنى التعميم في الحديث.
[الواجب على الراعي في رعيته]
يجب على كل راع- بالتعميم المتقدم المستفاد من الحديث السابق- أن ينصح لما استرعاه الله من رعية في القول والعمل وان لا يدخر شيئا من جهده في حفظه وتفقد أحواله، واعطائه ما يحتاج اليه، وصرفه عما يؤذيه وما لا فائدة له فيه، ووقايته من كل ما يعدو عليه، وان يستصفي له من الآراء والأعمال والأقوال أبلغ ما يقدر عليه، فإذا قصر في شيء من هذا فقد غش رعيته بما يدخله عليها من الضرر في ولايته عليها وارتكب بذلك الكبيرة التي توعد عليها بالنار.
[توجيه]
لما كانت أعظم الرعايات رعاية أمر العامة بالامرة والولاية حدَّث