قد علمنا أن إخواننا الزيتونيين طالبوا بالإصلاح منذ زمان، وسمعنا أن حكومة سمو الباي أجابت طلبهم وألفت لجنة لوضع مناهج الإصلاح المطلوب. ثم انقطعت أخبار تلك اللجنة مدة ليست بالقصيرة حتى حسبناها قد أصابها ما أصاب تلك اللجنة التي ألفت بالعبدلية لنشر الكتب القيمة، مثل رحلة العبدري، وشرعت في العمل بالتصحيح والمقابلة، ثم قضي عليها بالموت فلم نسمع حسيسها إلى اليوم. ثم عادت المطالبة بالإصلاح على ألسنة الصحف، وعاد الإعلان من طرف الإدارة ان اللجنة ما زالت حية وأنها جادة في عملها وما عليكم إلا الانتظار. واتصل الحديث على الإصلاح في الصحافة وقامت المناقشات الحادَّة بين الكتاب في وجوهه إلى أن بلغت إلى حد غير محمود، وكانت تلك المناقشات في الخارج كالصدى لما قام من الخلاف بين أعضاء اللجنة في الداخل، وقد أدت- ويا للمصاب- إلى صدع الوحدة الصحافية التونسية كما أدت إلى صدع بناء اللجنة الموقرة. فأصبنا بمصبتين اثنتين ولما نصل إلى النتيجة، فأما البلاء فكان معجلا وأما الإصلاح المطلوب فحظنا منه الانتظار، وليت شعري متى ينتهي هذا الانتظار؟ ومتى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه و (غيرك) يهدم. فكيف إذا كنت أنت تهدمه أيضاً؟ فما أعظم أسفنا- معشر الزيتونيين- مما آلت إليه الحال، وما أشد ألمنا من هذا التأخير والانتظار.
ثم لنا كلمة في بعض وجوه الإصلاح رأينا من واجبنا أن نقولها: إن جامع الزيتونة كلية دينية فلا يكون إصلاح التعليم فيه إلا على مراعاة هذا الوصف الذي هو أساسه وغايته، والرجال الذين يتخرجون