من هذا الجامع يقومون بخطط كلها دينية وهم أصناف ثلاثة: رجال القضاء والفتوى ورجال الإمامة والخطابة ورجال التعليم، ولكل خطة من هذه الخطط وسائل خاصة لتحصيل الكفاءة فيها والاضطلاع بها، إن من المعلوم أن ما يحتاج إليه القاضي والمفتي من سعة الاطلاع على الأحكام وتمام الخبرة بتطبيقها على النوازل غير ما يحتاج إليه الإمام الخطيب من القدرة على إنشاء الخطب وحسن المعالجة بها لأمراض وقتها وقوة التأثير بها على سامعيها المعالجين بها وغير ما يحتاج إليه المعلم من معرفة أساليب التفهيم، وفهم نفسية المتعلمين وحسن التنزل لهم والأخذ بأفهامهم إلى حيث يريد بهم، حسب درجتهم واستعدادهم.
فلهذا نرى أن أول عمل في الإصلاح هو تقسيم التعليم في الجامع إلى قسمين: قسم المشاركة وقسم التخصص.
فأما في قسم المشاركة فيتساوى فيه المتعلمون في المعلومات على طبقاتهم ويحصل الفائزون في الامتحان بعد تمام مدة التعلم التي لا تقل عن ثماني سنوات على شهادة عالم مشارك بدلا من لفظة (متطوع) فإنه لفظ مات معناه وذهبت قيمته بذهاب الوقت الذي وضع فيه والمناسبة التي اقتضته.
وأما قسم التخصص فيفرع إلى ثلاثة فروع: فرع للتخصص في القضاء والافتاء وفرع للتخصص في الخطابة وفرع للتخصص في التعليم. وبعد تمام المدة التي لا تقل عن أربع سنوات في فرع القضاء والافتاء، وعن سنتين في فرعي الخطابة والتعليم، ينال الفائزون في الامتحان شهادة التخصص بالعالية فيما فازوا فيه.
ثم إن المتعلمين في قسم الاشتراك يكونون من الحائزين على شهادة التخصص في التعليم وكذلك المعلمون في فرع التخصص للتعليم وأما المعلمون في فرع القضاء والفتوى فلا بد أن يكون ممن تخصصوا