لا بوحي جمعيتهم- مع النوابه الأحرار، وفاز النواب الأحرار في أكثر الدوائر، لما كان هذا كله زادت نقمة الحكومة على الجمعية واعتقدت تأييد الجمعية للنواب الأحرار ونسبت يقظة الأمة وحسن اختيارها وعدم امتثالها للإيعازات وعدم خوفها من التهديدات، إلى ما بثته فيها الجمعية من حياة. وأخذت من يوم ذاك هي والصحافة الفرنسية الباريسية والجزائرية تقرن النواب الأحرار والجمعية في قرن عندما تكيد أو تقذف أو تغري أو تهاجم مع تخصيص الجمعية بالقسط الأوفر من الأذى والتهويل والإثارة للفكر الفرنسي العام.
ومن العجيب أن الدكتور كان، دون سائر النواب الأحرار، ينفس على الجمعية هذا البلاء ويحسدها على هذا العذاب، ويكره أن تكون لها تلك السمعة في الصحف، وأن يكون للمنتمين إليها ذلك الأثر في فوز النواب الأحرار، وكان يظهر ذلك في مجالسه وأمام من هم معه من الساسة، ولكنهم لا يرون رأيه في الجمعية. وكان كلام الدكتور يبلغنا- ولا محالة- وكنا لا نلقي له بالا حرصا على اتفاق الكلمة وإبقاء على وحدة الأمة. وكنا- رجال الجمعية- لا يكون موقف عام إلا أيدناه، ولا موطن يقتضي التقدم إلا قدمناه. حتى جاء المؤتمر الذي بذل كل جهده في عرقلته وأبى الله إلا أن يتمه، فقدمناه رئيسا عليه. ولما جاء تأسيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر قدمه رئيس الجمعية لرئاستها فوقع الإتّفاق على قوله. ولما رجع الوفد وقفل هو ورئيس الجمعية إلى قسنطينة وخرجت البلدة كلها للقائهما في يوم مشهود، خطب رئيس الجمعية في تلك الجموع وقال لهم:(ثقوا بالله ثم بأنفسكم ثم برئيس المؤتمر) وكنا- علم الله- إلى ذلك اليوم، وبعد ذلك اليوم عاقدي العزائم على العمل معه في ظل المؤتمر إلى غاية ما نستطيع.
[كيف افترقنا]
وقعت حادثة الاغتيال المشؤومة فاغتيل معها- والله- عقل الرجل.