كانت مدينة الطائف- وما زالت- مصطاف أهل مكة وكان بين البلدين صلة وقرابة. حتى قرنتا في قول المشركين الذي حكاه الكتاب:{لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}، فخرج النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إليها بعد وفاة أبي طالب واشتداد الأذى من قريش عليه. يدعو أهلها ثقيفاً ويلتمس عندهم النصرة والمنعة بهم من قومه فلقي من أذاهم أشد مما كان يلقى فأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه إلى حائط مصطاف لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة القرشيان الأمويان وهما فيه ينظران إليه ويريان ما لقيه من سفهاء ثقيف لم يغيرا من ذلك شيئا وكان ذلك الجمع من العبيد والسفهاء لما رأوه التجأ إلى حائط فيه رجلان من قومه قريش ومن بني عبد مناف رجعوا عنه فعمد إلى ظل حبلة (كرمة) من عنب فجلس فيه.
رأى ابنا ربيعة ما لقي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، وهما من بني عبد مناف، فتحركت له رحمهما فدعوا غلاماً لهما نصرانياً اسمه عدَّاس فقالا له خذ قطفاً (عنقوداً) من العنب فضعه في الطبق إذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه.
جاء عدَّاس بالقطف في الطبق فوضعه بين يدي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- باسم الله وتناول منه، فسمع عدَّاس ما لم يكن يسمعه في تلك الأرض من المشركين فنظر في وجه النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وقال