للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدهما لا يغنيان بدون نظام وأن النظام لا بد له من رجال أكفاء يقومون به ويحملون الجموع عليه، وأولئك هم الوازعون.

[طبيعة وشريعة]

في عالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان نجد الطبيعة- بصنع الله- تستخلص الأعلى من الأدنى والأقوى من الأضعف، فتجد الممتاز من أصل الخلق، وبانتخاب الطبيعة في هذه العوالم الثلاث كما تجد الذهب في المعدن وتجد الزهر والثمر في النجم والشجر، وتجد المملكة من النمل والنحل مثلا. فالإنسان لم يخرج عن هذا القانون الطبيعي، ففيه الممتازون الذين يحتاج إليهم النوع الإنساني في صلاح حاله ومآله ومنهم الذين يتولون حكمه وتنظيمه في أممه ومجتمعاته وجماعاته، فالهيئة الحاكمة والأفراد المنظمون والقادة المسيرون من ضروريات المجتمع الإنسان ومقررات الشرع الإسلامي مثل ما في هذه الآية من أمر الوازعين. ولما ولي الحسن البصري القضاء، قال لا بدَّ للسلطان من وزعة أي أعوان يكفون الناس عن الشر والفساد ويتولون تربيتهم وتنظيمهم. وفي رواية: لا بد للناس من وازع، أي كاف يكف بعضهم عن بعض وهو الحاكم وأعوانه.

وفي حديث ذكره أهل الغريب: من يزم السلطان أكثر ممن يزع القرآن ومعناه، أن من يكفهم عن الشر خوف السلطان وعقابه الدنيوي أكثر ممن يكفهم عن الشر الوعد والوعيد في القرآن. وقد قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}.

الآية الرابعة: وهي ١٨ من النمل (٢٧): {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>