للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المستفيدين من اختلاف الليل والنهار هم المتذكرون والشاكرون، فلا تمنع من أن يكون الشخص الواحد متذكرا شاكرا في آن واحد.

[التراكيب]

خلفة: مفعول ثان لجعل، على معنى جعلهما ذوي خلفة، وفي الأخبار تقول الليل والنهار خلفة، والرجلان خلفة على هذا المعنى، أي يخلف أحدهما الآخر، وكان مفردا عن الاثنين لأنه مصدر والجار في {لِمَنْ أَرَادَ} يتعلق بجعل، وكان الجعل لهما لأنهما المستفيدان منه. ولم يكرر الإسم الموصول لأن الشخص الواحد يمكن أن يتصف بالصلتين معا، وكرر فعل الإرادة لأنها لا بد منها في التذكر وفي الشكر، وقيل (أن يتذكر) ليفيد المضارع الحدوث والتجدد فإن الغفلة مستولية على الإنسان والآيات المرئية ما تزال تحدث له التذكر وتجدده له. وقيل {شُكُورًا} لمناسبة رؤوس الآي.

[المعنى]

يقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} ووضعهما يختلفان ويتعاقبان على هيئة مخصوصة في التخالف والتعاقب ليستفيد من ذلك من العباد من أراد أن يتذكر فيعتبر بما فيهما من انتقال وتغير ونظام وتقدير، ويستدل بذلك على وجود خالقهما وقدرته وإرادته وعلمه وحكمته ورحمته بمخلوقاته، أو أراد أن يشكر فيقوم بعبادة خالقه المنعم عليه بجلائل النعم ودقائقها التي منها هذا الإختلاف والتعاقب بين هذين الوقتين اللذين لا يصلح حال الإنسان ولا تنتظم أعماله ولا يستقيم عمرانه إلا به.

[فقه لغوي]

اختيرت لفظة الخلفة هنا لدلالتها على الهيئة فتكون منبهة على

<<  <  ج: ص:  >  >>