كان السابقون الأولون من المؤمنين أول الاسلام بمكة -مبغوضين من أهل مكة المشركين مهجورين منهم مزهوداً فيهم. ومن أشد الآلام على النفس وأشقها أن يعيش الإنسان بين قومه مبغوضاً مهجوراً، مزهوداً فيه، خصوصاً مثل تلك النفوس الحية الأبية. فأنزل الله هذه الآية تأنيساً لأولئك السادة ووعداً لهم بأن تلك الحالة لا تدوم، وأنه سيجعل لهم وداً فيصيرون محبوبين مرغوباً فيهم.
وقد حقق الله وعده: فكان أولئك النفر بعد السادة المقدمين من أقوامهم وعشائرهم لسبقهم وفضلهم وكانوا- وهم قادة الجيوش في الفتوحات الاسلامية- المحبوبين هم وجيوشهم المرغوب فيهم من الأمم التي فتحوها لعدلهم ورحمتهم ورفعهم لنير الإستعباد الديني والدنيوي الذي كانت تئن تحته تلك الأمم، وأثبت التاريخ أن بعض الأمم الأجنبية دعتهم إلى إنقاذها من أيدي رؤسائها. فكانت هذه الآية من آيات الإعجاز بالإعلام بما يتحقق في الإستقبال مما هو كالمحال في الحال فكان على وفق ما قال.
[عموم الوعد لعموم اللفظ]
الإيمان- وهو التصديق الصادق المثمر للأعمال- والأعمال